الاثنين، 27 يونيو 2011

الأغنية الأولى:تماماً مالادو

أستيقظ مبكراً على غير العادة..أعد لنفسي إفطاراً ضخماً ثم ألقيه في القمامة مكتفية بحبتين المسكن مع النسكافيه في الشرفة..الشارع الصامت تماماً قبيل امتلاءه بصخب التلاميذ و نداءات الباعة الجائلين يغريني بالتوهان قليلاً..الصباح الباكر الذي لا أعرفه..و رائحة المدرسة و أصدقاء آتوني في الحلم الليلة السابقة..أقرر اتخاذ نفس الطريق الذي سلكته طيلة سنوات الدراسة..أستعيد ذكريات ساذجة و هموم أولى و مشاكل تضحكني فأخجل احتراماً للفتاة التي كانت في يومٍ ما.. التلاميذ الذين بدأوا في التوافد و الوقوف على باب المدرسة استعداداً لامتحانات الثانوية العامة ..ورائحة المذكرات.. أخر ورقتين كتبوا على عجالة ..الدعابات المفتعلة و النظرات المتوترة...أرى فتاة تشبهني و أخرى تشبه منى و أخرى تشبه هايدي..أستطيع التنبؤ بحياة كل منهن..ابتسم لتلك التي تشبهني مشجعة و أواصل الطريق..
أزن نفسي..
58 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

المحلات تفتح أبوابها على استحياء..
أراقب واجهات العرض..الطريق الذي اعتدت المضي فيه مسرعة أو متأخرة عن ميعاد ما..عن شخص ما..يدهشني بتغيرُه..أكتشف  وجوهاً جديدة و أسماءاً جديدة..أتابع السير على مهلٍ لأعيد اكتشاف الأشياء و الموجودات بدهشة أولى..أدقق في الأوراق المتناثرة على جانبي الطريق..بقايا لأشخاص مروا من هنا منذ يوم..يومين ..سنوات....ذكريات بعيدة كأنها من عالم أخر أو لشخص أخر لتقاطع ما..بوابة منزل..و واجهة عرض..أرصفة كتب..أتذكر مجلة النجوم التي كنت ابتاعها بعد المدرسة باحثة عن صورة تصلح لتكملة حائط غرفتي..و رصيف جلست عليه يوماً لكتابة كلمات أغنية رشيد طه الأخيرة من أجل صديقة لا أذكرها..

أزن نفسي..
55 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

عيادة طبيبي المفضل في الطفولة..كنت قد اعتدت على استبدال لعبتي المفضلة او طعامي المفضل بطبيبي المفضل و دوائي المفضل ..اتذكر تفاصيل غرفة الكشف و ابتسامة الطبيب..أشعر برغبة شديدة في رؤيته من جديد ..اصعد لأجد باب العيادة المغلق..أُخرج ورقة وأكتب ..إلى الدكتور إيهاب عبد المنعم وهبه..شكراً..
أتذكر طعم الكابتشينو بعد المدرسة فأطلب واحداً..المحل المليء بالمرايا كما كان منذ الأزل يحيطني بمئات الفتيات اللواتي يشبهنني و لا أعرفهن..أقترب قليلاً من تفاصيل وجهي.. عيناى المغلقتان قليلاً..التجاعيد حول شفتي الرفيعتين دوماً..لا أعرفني..أكتفي بشرب الكابتشينو محملقة في النادل المتعجب و أمضي..

أزن نفسي..
50 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

استعيد القدرة على التوهان..ألتحم من جديد بأسفلت الطريق..أمضي وحيدة تماماً في شوارع تخلق للتو من أجلى..أسير..أتمتم بلحن أغنية فرنسية لا أذكر كلماتها بالتحديد..استبدل كلماتها بأخرى عربية لتصبح شيئاً طفولي أحمق...جي سوي مالادو..تماماً..مالادو..و الطريق طويل..و مفيش أخر..مالادو..و أخر الدنيا بعيييد..بعيييد..جي سوي مالادو..أضحك..
على مخارج المدينة توقفت قليلا لألتقط أنفاسي..أين يقع أخر الدنيا؟..أفكر قليلاً..ربما في نهاية هذا الطريق..أو الذي يليه..أو الذي يليه..اليوم بالتأكيد يمكنني الوصول..أخر الدنيا يبدو كحلم الراحة بعد التعب..و أنا مالادو..تماماً مالادو..

أزن نفسي..
45 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

هناك تعليقان (2):

  1. يخرب بيت كده بجد يا شيخة

    ردحذف
  2. إنتى بتهرررررررررررجى ، تماماً بتهرررررجى

    انا مجيتش هنا ساعة النص ده ليه ؟ مبحبش اشوف الحاجة متأخر ، النص جميل جداً ، دافى و بيخدش أسوار الحزن و فيه مرارة القهوة و بجد بقى قمة الضحك مع الغنوة تماماً مالادو ، انا بحبك يا بت يا نووون

    ياسمين يا فالحة :)

    ردحذف