الجمعة، 2 ديسمبر 2011

مشهد


على المرآة كتبت بقلم الكحل اسم صديق لك..أذكر الموقف.. كنت على الهاتف و قلت ذكريني بأن أحادث فلان غداً..كتبت الاسم على المرآة وأنا أكمل كلامي ونسيت أن أمسحه..
تعرف تلك الكتابات على المرآة.. نتعامل معها و كأنها غير موجودة..تصبح وكأنها هنا منذ الخليقة.. شيء معتاد..يمر أصدقائي و أخواتي على المرآة فلا يسألني أحد من هذا؟ أو لمن هذا الاسم؟ ظل اسم صديقك الذي لا أعرف عنه شيء سوى بضع كلمات متناثرة منك موجود أمامي طوال الوقت..أصبح جزءاً من المكان..من الذاكرة..صاحب حضور وهمي غير مباشر لك..
..ابتسمت..
 أمسك بالمنديل و امسح الاسم من على المرآة..هل اختلف شيء؟ هل أختلف شيء الآن..
يختفي الاسم رويدا رويدا من أمامي..تخفت أنت شيئاً فشيء من داخلي..
فقط كما لو كان حدث بأكمله معك يختفي..يتهاوى ثم يذوب..ربما هى بداية النهاية حقاً..مجرد فعل بسيط لا يعني شيء ..ولكنني –أضمن لك-بعده لم أعد كما كنت من قبل..

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

النجوم لا تكتم الأخبار..

مرهقة..يفصلني الإرهاق عن باقي العالم فلا اسمع سوى صمت بدايات أفلام الرعب..صمت الطنين كما أحب أن اسميه..ترهقني التعاسة فأتوقف عن التظاهر بالتأقلم معها..أهمس من بين أسناني اذهبي لا أحبك..فتضحك ساخرة..تلبسني من جديد فينكمش جسدي قليلاً و تتشقق شفتاى ..ألعقهما فينتقل التشقق إلى لساني.. حلقى.. رئتي.. قلبي.. انقسم نصفين ..أشعر بالدوار من جراء الانقسام.. اتخبط قليلاً..تقوم تسنيم بلزقي ببكرة اللاصق..تقول..تكررين حماقاتك بما يناسب سن الرابعة و العشرين..كما توقعت دائماً..أزمة الرابعة و العشرين..تتأكد من وضع أخر شريط و تضمني قليلاً إلى بعضي البعض تأكداً تقول حركي عيناكي إلى اليمين..إلى اليسار..هل تبصرين؟ أقول أبصر ...
أخاف أن أخبرها بأني أري على اليمين غمامتين و على الشمال نذيري..أسير نحو الغمامتين لأختفي..
***
تشدني إيمان من يدي و تقول لا تأكلين؟ تملأ لي شنطة يدي بالحلوى و ساندوتشات السجق الذي أحبه..اوزع الحلوى على النجوم من ورائها و أقول أكلتها..لا تصدقني..
تقول انسي..أنتي الآن أفضل..أهز رأسي موافقة..تشير لي النجمات..اترك خط حلوى من ورائي كدليل اثبات على حضوري هنا يوماً وشريط اللاصق ينفرط..أعيد تثبيته بيدي دون اهتمام و اتبع النجمات جرياً..
***
تقول نجلاء..حرارة النجمات تؤثر على متانة اللاصق..أشعر بالإحراج من استمرار اللاصق في التفكك... تحمر أذني كالعادة فأعيد لصقه بيدِ ترتعش..
تقول..لماذا تحبين النجوم؟ لا نفع منها..أقول ليس الأمر بيدي أحب ضوءها الخافت المنير وأسمع لها صوتاً لا يسمعه أحد سواى..تهز رأسها متعجبه..وتقول ربما..لا أعرف ما يدور بالسماء..اقول لا أحد يعرف...يجب علي الذهاب لمكان أخر بعيد..
***
تقودني فاطمة في طرقات بلدها الأخضر..تقول اتوحشتك برشا لماذا تذهبين..تعيد هى لصق الشريط و تعدل من وضعه حول رقبتي تقول:لتستطيعي رفع عينيكي إلى السماء كما تحبين..
أقول لم تعد تبهرني السماء ولا النجوم..أريد التمعن في الأرض..في الغوص داخلها.
تتحللين..تقول فاطمة..
أرد أو تلدني الأرض من جديد..
***
أصمت..ينفك اللاصق فلا اتفتت..تسقيني الأرض من ماءها فأكبر..ترتفع رأسي إلى السماء من جديد..أهمس..الآن بإمكاني الرحيل..
**
النجمات تزداد واحدة..تلمع..تخفت..تتضاءل..تكبر..تبتعد..يرتعش نورها..ثم يضوي من جديد..

أعرف..يضوي من جديد..



الاثنين، 31 أكتوبر 2011

عن أزمة حنيّة مفاجئة..


أعرفها جيدا.. تأتيني قبل الفجر تماماً.. فأغمض عيناي مستنجدة..تأتي دائماً في ساعة الذئب..يقولون أن الجسم يكون في أوهن حالاته و يصبح أكثر عرضه للإصابة بنوبة قلبية أو عشقيه أيهما اصدق..
يؤلمني قلبي فأضع يداي الاثنتان عليه ليخفت الألم ..تصعد روحي إلى حلقي فاشرب كوباً من الماء بعد أن اقرأ عليه اسمك..أعود إلى السرير محاولة النوم فتأتيني في الحلم ..أقول..أذهب أريد أن أتنفس..فتتحول إلى نفسي القادم..اشهقك..,تأبى الزفير..
لا أحب الكتابة الرومانسية..أهرب منها فأفكر فيك باعتبارك جنيا أو مخلوقا فضائيا يستحوذ على روحي  ًصدقت نبوءتي إذاً في كوني أول من ستقابل فضائيا..ربما الخيال العلمي أفضل من الرومانسية في مثل هذه الحالات..
القي السلام كل صباح على كوكب الأرض ليعرف أني مجرد ضيفة عليه..سأرحل يوما معك إلى كوكبك البعيد..فيضج الكوكب بالضحك.أسبه و أعود للرومانسية البغيضة مرة أخرى..
تقول..أنا حزين..
ارسم على وجهي بألوان البلياتشو و انفث فقاقيع الصابون في المكان فتبتسم..ابتعد..تحزن من جديد..تقول لا تستطيعين إخراجي من حزني..
امسح الألوان من على وجهي و أدق وشم الغجريات..أمسك بورقه و أقصها"عروسة" اثقبها بدبوس مرددة" من عين فلان..ومن عين فلان..ومن عين فلانة عشر مرات..تضحك
احرقها أمامك و أقول..:أهو شفت وش فلان..مش قلتلك محسود..أضع يدي على جبينك و أقول بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك..
تمسك برأسي و تقبلها..فأمسك بكف يدك لأقرأه..أقول أرى زحام زحام كبير وأنت في المنتصف..
تكمل إذا أنا مفقودٌ مفقودٌ مفقود..
اجلس بجوارك..لا تنظر إلى..يعجبني الزمان هكذا..ليت هنا زر" بوز" ليبقى الوضع على ما هو عليه..لا أريد شيء سوى أن تكون بجواري يفصلني عنك 25 سم.. انظر إليك..أشم رائحتك..ربما تتوقف تلك الأزمات عن المجيء..تقول 30 سم..انظر إليك ولا أرد..
فقاقيع الصابون لا تزال تحلق في المكان ...تنعكس عليها آلاف الوجوه..أفجرهم واحدة واحدة..أقول في ناس كتير لكن بيصير ما في غيرك..تقول.. أنا وحدي إذاً..تذهلني قدرتك على تطويع الكلام لصالحك فيؤلمني قلبي من جديد
تصحبني إلى المنزل..أقول أراك العام القادم  ..
تقول ربما بعد نصف عام..
-سأختار أنا المكان
-ليكن
تبتعد..
........

تقول.. لا تستطيعين إخراجي من حزني
أقول..وليكن ..أنت تستطيع إدخالي إليه


العنوان من قصيدة 3و لعمر طاهر

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

2-عن الألم و الصمت و الدعاء

-الألم..
أقف أمام المرآة..أضع الإيشارب حول رأسي ثم أنزعه..صوت سعاد ماسي يبلبل أفكاري بعض الشيء فأشعر بالدوار..أسدل شعري حول وجهي دون أن أرمش..أضع القليل من البودرة على السواد المتراكم تحت عيناى ثم أتوقف..لن يلتفت أحد لذلك تماماً..أقرر اليوم النزول بدون الحجاب عقاباً لله على ألمي..ثم أفكر..ان الله لم يُنكر أبداً خَلقِه للألم..وكل خَلقِهِ مِنهُ..يشعرنا الله بالآلام لنتذكر أنه يتألم أيضاً من أجلنا..ثم يطيبنا لنعرف أنه وحده القادر على ذلك..يخلق الله الشيء و نقيضه لنعرفُه..ويظهر هو لنا في النقيضين..واحد..
أعيد إحكام الإيشارب حول رأسي..أجلس وحدي في مقهى متسع جداً..أحدث الفراغ بجواري كعادتي..ينظر لي الجميع بدهشة..يعرفني النادل فيحضر لي قهوتي دون سؤال ويذهب..وحدي أنا أراك كائناً بجواري تدخن كالعادة..تختار شيكولاتة ساخنة من القائمة فتظهر للتو أمامك..أخبرك أن الله يعتبرك نبي من أنبيائه..تقول أنا نبي سري لا يراني سواك..أقول من يتبعك يراك ولا يتبعك سواي..
لما تؤمنين بي؟..تسأل..
أقول أتيتني في الحلم قبل أن أعرفك..لتلقي عليّ سلاماً و تمضي..كنت كنبوءة محمد عند العرب..ولكني استفدت من خطأهم في عدم تصديقها..أصدقك و أتبعك و أنت نبوءتي و حقيقتي..
تبتسم..لا نتحدث..لا أصدق في الحديث..وحدها الأفكار تكفي لاستيعابك..في خيالي الكثير من الكلام بيننا..الكلام الذي سيقال عندما نتوحد معاً..أنت لا تزال نبي الله الهائم..لم تجد نبوتك معجزتها بعد..تسير وحدك في صحراءه لتبحث عنها وأنا لا أستطيع أن أمنعك..عندما تجدها ستعود لي قائلاً دثريني..سأدثرك بي لتسمع كل الكلام الذي لم يقال...
_____
-الصمت
يسألني الجميع أين ذهبت وأنت جواري لا يرونك..أقول من؟ يقولون ..هو..أين ذهب؟ لماذا افترقتما؟ أقول لا أعرفه..لماذا نفترق ونحن لم نلتقي بعد؟ أنظر لك بطرف عيني وأنت تجلس صامتاً..أُخفي سرك حتى لا يؤذونك..يحب الناس قتل الأنبياء في المهد دائماً..ينظر لي الجميع بدهشة ثم إشفاق..أتودين عدم الحديث في الأمر. أهز رأسي نافية..أنا لا أعرف عم تتحدثون؟..أغادر المكان وأذهب...
اتجه لمحطة القطار حيث أستريح..أركب القطار إلى الإسكندرية دون حجز..أجلس في البوفيه و أدخن..لا أراك حولي أقول ربما سبقتني إلى هُناك..يجلس بجواري شخص ما..لا أنظر إليه..يطلب مني سيجارة فأعطيه..يقول لم أر فتاة تدخن في القطار من قبل..لا أرد..يقول أهنئك على شجاعتك..أقول..أى شجاعة في الاحتراق.ألقي بالسيجارة و أغادر البوفيه..أقف بين العربات صامتة..أفتقدك..لماذا لم تأت معي؟ لم نركب سوياً قطاراً من قبل رغم المسافة الدائمة بين عالمينا..أكره القطار الذي أركبه وحدي دائماً..لماذا يفكر الجميع في إلقاء أنفسهم أمام القطار للإنتحار؟ رغم وجود الكثير من الطرق الأقل إيلاماً.. إلا أنهم يفعلون ذلك باتجاه فطري للتطهير بالآلام..يثيرون شفقة الله عله يرحمهم..لا أعرف..ربما لو كنت معي الآن كنت تخبرني..
_______
*خاطر:
أذكر حديثنا سوياً فيما مضى قبل أن تتحول لهذا النبي التائه...تسمعني أغنية even the night فأبتسم..أقول أحبك..فتبتسم..
_______
-الدعاء
يقولون أن الدعاء أمام البحر مستجاب..أقف أمامه وأفكر بما سأدعو..لا أعرف..لا يمكنني أن أطلب من الله تغيير مسار شخص أخر غيري..أقول أجعله يعود تائباً إليّ؟ كيف أدعو بأن يعود و هو ماضٍ في طريق أخر لا رجعة فيه؟ أقول..أنر له طريقه و ساعده في العثور على معجزته حتى يعود..أرتاح لهذه الصيغة أكثر..أخاطب الله باسمه السري الذي علمته لي ولا يعرفه أحدٌ سوانا عله يستجيب..أفكر..يبعث الله لك ببعضاً من قبسه فهو يحبك وأنتَ نبيه التائه..ربما لا يحبني الله..لن أعرف حتى أراك..أنت وحدك من سيخبرني...
أنتهي من الدعاء فأعود إلى مدينتي مرة أخرى..أصل إلى المنزل لأراك تنتظرني في الظلام كعادتك..أسألك: هل يحبني الله؟
تنظر لي ولا ترد..أجلس جوارك صامتة..وأنام..

الأحد، 11 سبتمبر 2011

1-عن الليل و الظلام و التفاصيل..

-الظلام..


الثانية و النصف صباحاً..أطفأ أنوار المنزل كلها و أجلس في الظلام..هناك دائماً خيط دخان يصاحبني..من فنجان قهوة أو قدح شاي..ربما سيجارة..دخان ما في الظلام يجعلني أشكك في ما يحدث حولي فعلاً..ربما أحلم..ربما هى هلوسة طويلة نوعاً..
قلت لك ذات يوم ليتني ما قابلتك..ربما من الأفضل أن يتم التعامل بيني و بين نفسي من الآن على أن ما حدث كان في عقلي فقط..محو ما بيننا لن يكون بهذه الصعوبة فلا أحد يعرف عنا أى شيء..لا يوجد منك عندي سوى تذكرة سفر تؤكد قدومك ذات يوم..و غلاف شيكولاتة..أحمد الله أن أغلفة الشيكولاتة لا يمكن الكتابة عليها عكس تذاكرالسفر و إن كان من الصعب تمزيقها مثلها..ثم أتذكر أن أغلفة الشيكولاتة جميعها تتشابه..أغلفة الشيكولاتة لا يسجل فوقها تاريخ تناولها..
ربما أتظاهر بأنها ليست لك ..أو أنك لم تلمسها يوماً و أنت تبتاعها لي..صورتك في الحافظة و على الهاتف يسهل محوهم..لا شيء أسهل من المحو إن استطعت إليه سبيلاً..في كل مرة أتوقف طويلاً أمام زرار الديليت ولا أستطيع..تطاردني نظرة عينيك مذكرة بأنك كنت..لتظل..فألقي بالهاتف بعيداً..وأصمت..
-أحب الكتابة في الظلام حتى لا أرى ما أكتبه..تقول و كيف ترين السطور إذن؟ أرد بأنني لا أحتاج لسطور على كل الأحوال..خطي مائل مثل حظ صاحبته..تضحك..
أتذكر ضحكتك و عينيك الضيقتين اللتين لا تنظران لي أبداً..فأمسك الهاتف لأحادثك..أصعب مافي محادثتك صوت الجرس في البداية..صوت الجرس البارد المستمر..أتجمد حتى ينقطع مع كلمة لا يوجد رد..أنتظر قليلاً معجزة ظهور اسمك على الهاتف فلا تحدث..
***
-الليل..


الليل طويل..أضغط على زرار إعادة البلاي ليست الدائمة للبداية..تقول أنغام و أنا لوحدي بفكر فيك..أفكر فيك طوال الوقت..أكلم الجميع و أضحك و أبدو على ما يرام..وصورتك تغطي كل تفاصيل محدثي..أخطأ في الاسم دائماً لأقول اسمك فيتظاهر الجميع بعدم الملاحظة..اسمك..اكتبه كثيراًً جداً على الصفحات الفارغة عل اسمك يُحضرك..فلا تحضر..
كنت أتمنى أن تكون هذه قصة حب تقليدية..ربما حينها كنت سأتحدث عن حرقة فراقك..لا أستطيع ..أصب القهوة دون أن أرى جيداً في الظلام وأعود مترنحة إلى مقعدي..أتظاهر بأنك جواري في الظلام و أتحدث..في الظلام كل شيء يمكن حدوثه..ربما تكون أنت هنا بالفعل إلى جواري دون أن أراك..
أحكي لك عن هذا الصباح..العيد مرة أخرى وأنا أكره الأعياد..الشوارع الممتلئة بناس لا أدري من أين آتوا و كأنهم خلقوا للتو بالملابس الجديدة و الابتسامة الدائمة على وجوههم..أيخدعنا الله و يرسل إلينا أشخاص مبتسمين صبيحة الأعياد لإجبارنا على السعادة هذا اليوم؟لماذا يصر الناس على الاحتفال بأى شكل؟ لماذا لا يوجد عيد للحزن..يصمت فيه الجميع؟ يبكي فيه الجميع في الشوارع دون حرج..عيد أستطيع فيه احتضان جارتي في الأتوبيس مواسية دون معرفة اسمها أو قصتها؟
اصعد إلى السوبر ماركت وحدي..أقف أمام واجهات العصير مخمنة ماذا كنت ستفضل..اختار علبتي عصير تفاح أخضر و علبتي لبن..اشتري لك قطعة شيكولاتة..أضع لنفسي خط أمل ربما تأتي يوماً ما فأريك كل قطع الشيكولاتة التي ابتعتها لك.. لتعرف أنني لم أتوقف عن التفكير فيك..
*****
-التفاصيل..


أمشي حاملة أكياس البقالة في الشارع..تقتلني التفاصيل..التفاصيل الصغيرة التي لا أتوقف عن ملاحظتها..لا أستطيع التوقف عن قراءة كل اللافتات على جانبي الطريق..الأوراق المتناثرة هنا و هناك..أسماء المحلات..عناوين الجرائد..أرقام العربات المارة..فتارين المحلات..أوراق الشجر المتساقطة..ظللت خمس سنوات طيلة دراستي في القاهرة أسافر في القطار لا أفعل شيئا طوال الطريق سوى النظر من الشباك للحصى بين القضبان..أرى اغلفة الشيبسي و العلب الفارغة الملقاة..حذاء طفل أنسج حوله مئات السيناريوهات حسب حالتي المزاجية....مفاتيح قديمة..أغطية أقلام..أكواب بلاستيكية وبقايا طعام..أعد الأشجار على جانب الطريق حتى أصل..بين القاهرة و طنطا هناك 2645 شجرة على جانب واحد..مندهش؟ أنا كاذبة ..من ضمنهم أشباح أشجار..الأشجار التي يقطع من قشرتها جزء لعمل راكية الشاي مساءاً تكون ميتة القلب..لا تعرف هذه المعلومة؟ الأشجار مثلنا تماماً..يكفيها خدش في القلب لتموت...لكنني لا أستطيع تمييز الميت من الحي طالما ظل واقفاً..
لماذا لم أراك في القطار..ربما كنت ستعد معي الأشجار و تصحح  عددها لي..ربما استطعت أنت تمييز الحي منها من الميت...ربما شاركتني فكرة مجنونة في النزول في محطة ليست محطتي..في التوهان قليلاً في بلاد لا أعرفها..متأخرة..أنا متأخرة دوماً عن الأمور الهامة في حياتي..لأندم على تفاصيل صغيرة حدثت ربما لو لم تحدث لكنت الآن معي في النور و ليس الظلام..


الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

البنت التانية:كرمة


تقول زينب و هي تلقي بباليته الألوان في الحوض..أو مونديو*..
تنظر لي و تضع يديها في وسطها و تقول..الأتيليه حر جداً مش ملاحظة..
لم تكن زينب صديقتي..أعرفها شكلاً و اسماً فقط..زينب تنتمي للطبقة الراقية في المجتمع..كلاس كما يقولون..لا أعرف لماذا يقال كلاس فقط بدون صفة قبلها..وهل هذا يعني إننا لا ننتمي لكلاس معين..ربما أكتفي بكلمة ميديم أو إن بيتوين أعجبتني الكلمة فابتسمت تقول معتقدة أنني ابتسم على أسلوبها المسرحي للحر..لأ فعلاً حر جداً مسمعوش عن اختراع اسمه تكييف..إحنا هيومان بين فور جود سيك**.... لا أعرف ماذا أقول فأرد بهمهمة قد تعني أنني أتفق معها..اود أن أقول ولكن التكييف يتعبني..ولكني أصمت حتى لا تظن زينب أنني لست هيومان بين..
أمسكت بأكبر فرشاة جواش لتغسل بها الباليته كما أفعل على الحوض المجاور..
-عارفة إيه أكتر حاجة محرراني؟ الخاتم ده..
كانت تشير لخاتم خطبتها الماسي..ثم خلعته بكل بساطة ملقية به على حافة الحوض..ظللت محدقة به ثانيتين وقلت لها:خدي بالك أحسن يقع..
هزت كتفها وقالت أى هوب سو..ثم أطلقت تنهيدة درامية وقالت..مش عايزة أتجوز..عايزة أكمل دراستي بره الأول.. آى هاد آ دريم ..يو نو***..ثم لملمت الفرش و الباليته و قالت سي يو..
ظللت واقفة أمام الحوض لفترة..أفكر..زينب طيبة فعلاً..وجميلة..هى الأولى على الدفعة..ظلت صور خطبتها على شاب يشبه نجوم السينما في المجلات شهراً..تريد السفر لإيطاليا لاستكمال دراستها..و يسمح لها الأمن بركن عربتها داخل الكلية مثل العميد..وتقول لي سي يو دائماً عندما تراني..
كان  خاتم خطبتها الماسي ملقى الآن أمامي على الحوض بعد أن نسيته هناك..
أمسكت الخاتم دقيقة..  أفكر ربما يسكنه جني ما يحقق لزينب ما تريد..أفكر إذا ما ظهر لي ماذا أطلب؟ أن أصير مثل زينب؟..ولكني لا أملك عربة ليسمح لي الامن بركنها داخل الكلية..فكرت في مدى سذاجتي.. عندما أصبح مثل زينب سيكون لي عربة بالتأكيد..أفرك الخاتم..لا شيء..
في حديقة الكلية تقف زينب دائماً وسط أصدقائها الذين لا أعرفهم....تشير زينب بيدها و تقول ماى جاد إتس هيلريوس"   فيقهقه الجميع..انظر إليهم من بعيد و ابتسم ببلاهة..فلابد أن ما تقوله مضحك حقاً..
اقترب منهم على استحياء..أقول زينب إنتي نسيتي ده فوق..
تنظر لي محاولة تذكري ثم تقول آه ثانك يو سو ماتش..ثم تقول مصححة زينة..اسمي زينة..
أهز رأسي و أستدير و أنا أفكر لماذا لا تغيره في كشف أسماء الدفعة إذاً لا أظن أن أحداً سيعترض لزينب..أقصد زينة..
أسمعها تقول..بور جيرل"" أكيد فكراه إكسسوار..يقهقه الجميع ..أتظاهر بأني لم أسمع..وأكمل طريقي للأتيليه..
أمام لوحتي اخيراً المكان الذي لا أشعر فيه بالتوتر أو الخجل.. أضع السماعات في أذني لأسمع درويش يقول سأصير يوماً كرمةً.. أفكر في أنه يوجد شخص على الأقل يعتقد أن كرمة أفضل من زينب...أبتسم من جديد و أنسى كل شيء عن زينب لأعود أنا بطلة حياتي..كرمة السيد عبد الفتاح..ولا أحد أخر..

_____________

 oh mon dieu*

human being for god`s sake**
i had a dream you know..***
it`s hilarious"

 poor girl""

الجمعة، 26 أغسطس 2011

البنت الأولى:روشين


تنظر لي روشين و تبتسم..أدير وجهي إلى الناحية الأخرى..أنا أمقت الغرباء الودودين و خاصة في وسائل المواصلات..وروشين تبدو من هذا الطراز..تشير لي روشين بأن المكان فارغ بجوارها فأشكرها بهزة رأس..
أتظاهر بالانشغال في القراءة و أجلس على الأرض أمام باب المترو..أشعر بشخص يجلس بجواري فلا أستطيع إلا أن أخمن أنه روشين..
تقول روشين أنها قرأت كل روايات ماركيز في الجامعة..أرد بكلمات من نوعية كم هذا رائع..تشير إلى الحلق في أنفها و تقول حصلت على هذا بالأمس..أخبرها كم هذا عظيم..تريني وشمها الجديد على مشط قدمها بعد أن تخلع الحذاء أخبرها أن وشم كلمة حرة على مشط قدمها لا يكفي لتصبح حرة فعلاً و أعود لقراءة الكتاب..
تقول روشين أنها خريجة فنون جميلة ..أتظاهر إني لم أسمع..تقول إنها تعشق السماء في الصباح  تظل محملقة فيها  حتى تتكون تلك الشموس الصغيرة أمام كل الموجودات..اخبرها أن هذا أقصر طريق للعمى..تقول أشرب القهوة زيادة فقط أخبرها أن القهوة مضرة بالصحة و غالباً هي سبب تلك الهالات السوداء تحت عينيها..
تقول روشين أنها لم تذهب أبداً إلى حفل لأم كلثوم..انظر إليها بدهشة ولا أرد..تقول لم يهدني أحد بالونة من قبل..اخبرها أن في المترو يوجد من يبيع كيس البالون بجنية واحد..تقول أنها تحب الكتابة في الظلام و الرسم في الظلام لأنها ترى في الظلام أفضل..أخبرها ربما تملك عينيها خاصية الأشعة فوق الحمراء فلا تحتاج للضوء..
تقول روشين إنها لا تعرف بالتحديد إلى أين تتجه..اخبرها أن لا أحد يعلم ذلك على وجه التحديد..تقول ممنوعة من كل شيء..محرومة من كل شيء..أخبرها ربما يكون هذا أفضل للصحة..تخبرني إنها تحب أن تعود للعالم مرة أخرى كجنية شريرة لتنتقم من كل من أذوها..أخبرها أن لا أحد يريد العودة حتى ولو أصبح جني شرير..
تقول روشين..أنا اسمي روشين و هذه محطتي..
أقول أنا لا أصادق الغرباء الودودين في المواصلات...
ينغلق الباب وراء روشين وهى تلوح لي..انظر للفتاة الواقفة أمامي و ابتسم..تدير وجها إلى الناحية الأخرى..أشير لها بأن المكان فارغ بجواري ..تذهب للجلوس بعيداً بجوار الباب و تنشغل بالقراءة..أذهب للجلوس بجوارها و أقول..قرأت كل قصص يوسف إدريس في الجامعة..........

الاثنين، 15 أغسطس 2011

يارب

يارب..ياللي عمري ما مديتلك إيدي و كسفتني..بتستجيبلي في كل دعوة بطلبها منك حتى ولو بعد حين..و لما بتستجيبلي بفرح و ساعات بنسى أشكرك..وبعدين أفتكر و اضحك و أبص للسما و أقولك ما أنت عارف يارب إني بحبك..فبحسك بتطبطب عليا بإيدك الرحيمة و تقولي عارف..و أجري أفرح بنعمتك عليا و بعدين أزعل..فاناديك فتنصفني فأبص للسما و ابعتلها بوسة..فتبتسم و تسيبني أفرح..
يارب انا عملت حاجات كتير اوي غلط في حياتي..ذنوب محدش يعرفها غيرك..و كدبت و زعلت أمي و أبويا..و فقدت ساعات ثقتي فيك..و زعلت منك..و راضيتني..و زعلت ناس..فراضيتهم عني..و بعدين رجعت خبطت على بابك ففتحتلي..و ادتني نعمة الاهل اللي بيحبوني..و نعمة  الأصحاب اللي سندوني..و نعمة التخفيف من الوجع..ونعمة الضحك اللي بيطلع في ساعة الحزن عشان إنت عارف إن الحزن بيموت..عشان  أنت اللي خلقته و إنت اللي قادر تخففه..
يارب أنا زي يعقوب بشكيلك بثي و حزني..و عيزاك زي ما رجعتله يوسف ترجعلي الشخص الوحيد اللي حبيته في العالم..أنت اللي بتقلب القلوب..وأنت اللي ماسكها في إيديك..قلب قلبه على حبي..و اضغط بإيدك الرحيمة ضغطة حنية واحدة ..و اعطيه القدرة على نسيان غلطاتي..زي ما عطيتني القدرة على إني مشوفهاش أصلاً..و أعطيه القدرة على المجازفة..زي ما عطتني القدرة على الرضا..و انصرني ياربي في حبي..انت اللي مبتحبش الإنهزام..وأنت اللي بتشمل المحبين برحمتك..لأنك طاقة حب..و لأنك كنت كنز مخفي..و عارف إن الحب هو الكنز الوحيد المخفي في أرواح البني آدمين..
أنت السبب الوحيد اللي بيجمع بين اى اتنين بيحبوا بعض..ولو افترقوا بيبقى لحكمة من عندك..و لما بيحصل بيبقى بإرادتهم الحرة اللي إنت خلقتها فيهم..عمر الحب ما كان بالإجبار..ولا كان بالاختيار..ولا كان بحساب المزايا و العيوب..
يارب أنت وحدك اللي عالم بالوجع لانك أنت اللي خالقه..محدش حاسس بيا ولا مصدق إن الوجع بيموّت الروح غيرك..لأنك انت اللي خالق الروح..و أنت وحدك اللي قادر تخفف الوجع ده..وأنت وحدك اللي قادر تجيبلي ترياقه..
يارب أنا عارفة إنك مبتعملش إلا الخير لعبيدك حتى لو  مش راضي عنهم..بس طالبة منك إنك تديني يارب فرصة الاختيار..و دخلني في التجربة حتى لو كنت خايف عليا منها خوف الأب على بنته من خروجها لوحدها للدنيا الزحمة لأول مرة..ولما أنكسر هاجيلك أبكيلك فهتقومني..ولو أنتصرت..أنت الوحيد اللي هشكرك و هحمد فضلك..
يارب انا اللي عمري ما عبدتك من باب الخوف أبداً..و كنت ليا باب حب بيخلي قلبي يترعش لما بقول اسم من اسماءك..لما بقرا كلمة من كلامك..لما بحس بعطفك على الناس في الشوارع..لما بشوف إيدك ممدودة لكل واحد و كل روح..و في كل شارع..وكل بيت..ساعدني ياربي في حبي لمخلوقاتك..و متغيرش عليا من حبي لأى حد غيرك لأنه عمره ما هيكون زيّ حبي ليك..و مد ليا كف الرحمة و انصفني يارب..و عالجني من زلاتي ..و غير من طباعي الغلط..و عطيني القدرة على الصبر..و لو كنت رخصت نفسي الغالية لإنك إنت اللي خلقتها بقلة ثقتي في نفسي..سامحني..و رجعلي الثقة تاني في الدنيا و العدل و بنفسي و بكل اللي حواليا..
يارب اغفر لي ألمي و ضعفي و هواني على الناس..و اغفرلي يأسي و حزني و انكساري..و مدلي إيدك..و استجب..يارب استجب..يارب استجب

الأربعاء، 3 أغسطس 2011

الأغنية الخامسة:ولمّا تخلص تجري على طول..


غرفة الانتظار في عيادة الطبيب الذي يشبه الصينيين  واسعة للغاية..تجلس منكمشة في كرسيها الدائم بجوار الشباك ابتعاداً عن رائحة المطهرات التي تخنقها..أمها بجوارها تجلس في صمت الاعتياد على الانتظار..هي مثلها لم يعد يتعبها الانتظار..لم تعد تندهش من أعداد المرضى في العالم..لم تعد تخجل من صوت سعالها الجاف الذي يجعل جميع من في الغرفة أو الفصل أو المنزل يلتفتون إليها..لم تعد تحزن من سكونها الدائم و منعها من الجري في الشارع أو ركوب الدراجة..تعطيها أمها شوكولاته لتأكلها..لم تعد تفرح بالشوكولاتة و لا اللعب الكثيرة التي يجلبها لها أبوها من الخارج في الأجازات..الشوكولاته لا تمنع السعال ...تنظر إلى الرجل العجوز الجالس أمامها نصف نائم..بالجلباب الرمادي و الطاقية على رأسه و جواره تجلس ابنتاه الشابتان..تكسر الشوكولاته لتخرج اللعبة الصغيرة بداخلها فتتدحرج إلى أسفل مقعده..يتناولها و يمد يده  إليها بها فتأخذها.. يربت على رأسها الصغير و يعود للاستناد إلى عصاه نصف نائم..

التمرجي بشاربه الأصفر الذي يضحكها..يضحك و يشعل التلفزيون على أغنية أطفال من أجلها..كان صوته عال دائماً و يزعجها تماماً..كانت تكره أغنيات الأطفال و تكرهه لأنه هو من وضع لها قناع البنج في المرة السابقة ..بعدها استيقظت لتجد نفسها راقدة على السرير في الغرفة الصغيرة الملحقة بغرفه العمليات في العيادة جوارها ولد نائم اكتشف الطبيب بالمنظار أن سبب سعاله هو قشرة لب ظلت عالقة بقصبتُه الهوائية..الحكاية التي سمعت أمها ترويها بعد ذلك للجميع مئات المرات متحسرة أن مرض ابنتها ليست ببساطة إزالة قشرة لب من على القصبة الهوائية بعملية منظار..أكلت الكثير من اللب الأسمر بقشره بعد ذلك حتى تسهل للطبيب مهمته في المرة القادمة بلا فائدة..
يُدخِل التمرجي الرجل العجوز و ابنتيه قبلها..تظل محدقة في مقبض الباب حتى يدور فتعرف أن المريض اللي يسبقها سيخرج الآن و تدخل هي..تريد الانتهاء سريعاً من كل ما تعرف أنه سيحدث ..الطبيب الذي يشبه الصينيين  يضع سماعته الباردة على صدرها و ظهرها و يطلب منها أن تتنفس بصوت عال..ثم يجلس ليصف أدوية جديدة و يخبر أمها أن حان الوقت للتدخل الجراحي ليعرفوا ماذا يحدث حقاً داخل رئتها المسكينة..تنظر إلى السقف متجاهلة نظرات أمها الحزينة و هزات رأسها مع كلام الطبيب..ثم تعود إلى المنزل لتأخذ الأدوية و الحقن التي لم تعد تؤلمها الآن..
كان مقبض الباب قد بدأ في الدوران بالفعل بسرعة مبالغ فيها..صوت الصراخ غطى على الأغنية الدائرة..الطبيب و مساعده يحملان العجوز مغمض العينيين إلى حجرة الجراحة و وراءه  ابنتاه تصرخان..تحضنها أمها مخبأة وجهها الصغير في صدرها تلتفت بعينيها  لترى وجه العجوز المغمض..يفتح عينه فجأة وينظر إليها بجمود ثم يختفي الجميع داخل الغرفة..كانت أمها تبكي ..دقيقة ثم خرج الطبيب  وهو يتلو الشهادة عائداً إلى غرفه الكشف..يقول التمرجي للبنتين :بلاش تنقلوه بالإسعاف عشان متدخلوش في سين و جيم أسندوه بينكم بقى كده لحد ما توصلوا البلد كلها ربع ساعة..البنتان يسندان أباهما الفارغ من الحياة  بينهما و يبكيان..يغادران العيادة بخطى ثقيلة..

...........................

يخبر التمرجي أمي أن علينا الدور في الدخول....سرير الكشف لا يزال غائصاً بوزن الرجل العجوز و مشعاً بحرارته..انظر إلى الجميع من حولي..الطبيب..التمرجي..أمي..سقف الحجرة البارد..الأغنية لا تزال تدور..لا تزال تدور..و أنا أبكي..أبكي فقط بلا صوت..

السبت، 30 يوليو 2011

الأغنية الرابعة:شو بدي قول

غير متزنة..أسير في الردهة..أتخبط..أستند إلي الجدار دقيقة ثم أكمل السير..يبدو الطريق طويل طويييل..أصل أخيرا..أتناول علبة اللبن وأشرب..لا أتوقف قبل أن تفرغ تماما..أعود إلي الفراش..أجلس دقيقة..ساعة..ساعتين..ثلاث..أنتبه..
أفرد الكتب علي الفراش وأرقد فوقها..أحلم بأني أنام فوق شاهد قبر..أقابل نفسي في القبر مرتدية السواد..أفيق لأعرف أنني قد قابلت نذيري..أعيد وضع الكتب علي الرف..وأبدأ في كتابة وصيتي..الكتب..أرشيفي..أخجل من بعض تفاصيله الساذجة المهمة..أفرغ علب الأوراق و النوتات وأمزقها تماما..أهدأ..
أشعر بالرغبة في شرب البيبسي الذي أكرهه..أشرب علبة..علبتين..أمرر يدي علي شعري فأنزعه..أجلس علي الأرض..أقف فجأة فأشعر بالدوار..أجلس..أقف..أجلس..أقف..أجلس..لا أستطيع الوقوف..أسند رأسي إلي الحائط..أدخن..أسعل..تدمع عيني..لا أري..ألقي السيجارة وأجلس في الظلام..
غير متزنة..أشرب اللبن..أسير في الردهة..أنام..أصحو..أعيد رص الكتب علي الأرض..ثم فوق الفراش..ثم أسفله..ألقي بهم من الشرفة..أشرب البيبسي..أدخن..لا أري..أجلس..أقف..أجلس..أقف..أجلس..ساعة..ساعتين..ثلات ساعات..أنام..
أري نفسي في القبر مرتدية السواد..أسألني:عايشة في القبر ليه؟تسألني:ميتة بره القبر ليه؟

الخميس، 14 يوليو 2011

الأغنية التالتة: زي الرصيف اللي في السيدة

 الوطن مهما عمل فينا بنفضل نعشقه بدون أى مبرر..و أنت عشقك م الوطن..مش غريب إن أول معرفتنا في قلب الوطن..و كل الأحداث بيننا موازية للأحداث في مصر ..بنزعل في نفس وقت حزنها..و بنفرح في وقت فرحها بقرار أو بحماسة انتصار..أو بصورة لحد من الفيران اللي نخروا في البلد وهو بالبدلة الزرقا في طرة..
شايل هم البلد على كتفك و شلته معاك ..و مصر اللي شايله همنا بقالها مليون سنة..مصر الحزينة العجوزة الشابة السعيدة الساخرة اللي كل يوم بحال.. مدياك كل طبعها..مزاجك بيتغير معاها..بتحزن فتحزن الشوارع..و بتضحك فبيضحك الشجر.بتكتئب..فتكش  الأرصفة و تبعد في أقصى جوانب الطريق..و بتروق فبيبقى الهوا بريحة شاى العصر في البلكونة و الندى على طرف القلل الفخار  في عز الصيف..و بتغني فبيغني كل المغنيين على الفيشاوي في رمضان..وبتقيد كل الفوانيس المتعلقة في البلكونات..و بيرقص المسحراتي في الشوارع ويرقص حواليه العيال.. و بتبعد..فبيتطفي النور في العمدان و بيختفي كل الناس في البيوت ..و بتضلم الشوارع  كأنها بلد مهجورة. بقد ما بتكون حاسس بإنك مهجور من جواك.. أنت الابن الشرعي لـ مصر..و أنت اللي ساكن في قلب الوطن..
مبقاش غريب تبقى مرتبط بكل حاجة فيها من ريحة مصر حتى العلم..ريحة الميدان المغرب و صوت المتظاهرين و عربيات الشاى و الخيم..الحظاظات و كلمة كن مع الثورة و اليفط المتعلقة على جوانب الميدان ..
أول أغنية بيننا كانت للبلد..و بقى اسمك الحركي لفترة طويلة  هو اسم مصر عشان لما أقول بحبك يا مصر متكسفش منك ولا من نفسي..
التواريخ المتسجلة بيننا كلها تواريخ مهمة في تاريخ مصر..و في المستقبل لما تحكي لولادك عن ثورة مصر هحكيلهم أنا عن كل الأحداث الموازية اللي حصلت بيننا على هامش ثورة...
أنا عمري ما أقدر أعيش بره البلد دي..لو طلعت منها أموت..زي ما مقدرش أعيش براك.. لو طلعت "منك" أموت..
بحبك..زيّ كل حرف من اسم مصر..و كل ذرة تراب في شوارعها..و زيّ هواها الفجروزيّ ريحة النيل..وزيّ صوت البياعين في العتبة..و زيّ ريحة محلات الورد في الزمالك..وزيّ زحمة كورنيش اسكندرية في عز الصيف..و زيّ صدى المعابد في الأقصر..و زيّ تواشيح الموشحين في الموالد..وزيّ تشجيع الجماهير في الاستاد..و زيّ  خبط الدومينو على القهاوي..وزيّ دخان الشيشة في الحسين..و زيّ الدعا عند المقام ..و تكبيرة العيد..وزيّ كراريس التلاميذ اللي لسه متجلدة جديد..و زيّ كلمات الأغاني المكتوبة في جواب لبنت الجيران..وزيّ رقع الأولة المرسومة بالطباشير في الشوارع..وزيّ العجوز اللي دق البيبان..وزيّ الكتاب اللي كان يا ما كان..
وزيّ الرصيف اللي ف السيدة.. 






الأربعاء، 13 يوليو 2011

الأغنية التانية:و العالم يجي وراك

التفاصيل الصغيرة..التفاصيل الصغيرة..ملاحظة التفاصيل الصغيرة هى اللي بتخليني أشوف الصورة بشكل مختلف عن أى حد في العالم..علشان كده بستقبل نظرات الدهشة في عينين اللي حواليا بنظرة فهم..ماهو مش كل الناس بتشوف بصتك ليا و أنا جايه من بعيد..شدتك ليا في جزء م الثانية عشان تبعدني عن عربية بحركة حماية لا إرادية..محدش بيسمع تون صوتك اللي بيتغير لما بتعرف إني تعبانة أو مرهقة..أو بيسمعه لما بيعلى لما تزعقلي عشان مطنشة أخد الدوا..أنا عارفة إن كل الحاجات دي ممكن تبان عادية عند ناس كتير..بس التفاصيل الصغيرة المستخبية وسط الحاجات هى اللي بيحصل فيها الفرق..
الموجودات زهقت من كلامي عنك ا بعد ما كل  الناس ماتوا من الزهق..فبتكلم مع نفسي عليك و ضامنة إنها الوحيدة اللي متزهقش..فاكرة التواريخ بيننا بالمللي و بالساعة و بالدقيقة..أول كل حاجة حصلت و مش عايزة يبقى في أخر..
حاجة شبه الأفلام و الأغاني مخلياني  مذهولة من تقليدية مشاعر الحب..يا إما الطبيعة بتقلد الفنان فعلاً زي ما أوسكار وايلد بيقول يا إما هو الحب كده زي ما الكتاب بيقول..حاجة لا إرادية و هى هى عند كل الناس زي مشاعر العطش و الجوع..و بالمناسبة دي أحب أقولك أنا عطشاناك..
مش عارفة إزاى بتحول الحزن عندي لفرح..و اليأس لأمل و قرار البُعد بإني أقرب أكتر..بكلمة واحدة منك بتتقال في أخر الكلام تماماً قبل ما أسيبك بثانيتيين فتقلب كل القرارات لصالحك..من غير حتى ما تاخد بالك....
و إزاى بتتحول كل الاوقات الصعبة لمجرد أن بيليها كلمة "معاك" لأحلى أوقات في الكون..
أنا معاك ضحكت بقد الضحك اللي ضحكته في عمري كله..و بكيت بقد البكا اللي بكيته في عمري كله..و هى دي الحياة..
الكلام مع أى حد غيرك بقى ممل جداً..و الوشوش كلها بقت شبه بعض..و من ساعة ما عرفتك..بضبط نفسي ماشية في الشارع ببتسم لمجرد أن كلمة قلتها جت في بالي أو صورتك عدت قدام عينيا.
اسمك على التليفون اللي وراه نقطتين زي ما بحب اعمل مع الأسماء المهمة بيسببلي حالة بهجة مش طبيعية لما بشوفه باين على الشاشة لما بتتصل..خلتني أعيد اكتشاف الأسماء و الأفكار و الإفيهات..و طلعت من دماغي  قدرات مكنتش أعرف إنها عندي..و من يوم ما عرفتك وانا مدخلتش فعلياً في أى حالة اكتئاب لأكتر من 3 ساعات و بعدين صوتك بس لما بيقولي افتحي التليفون بقى و استهدي بالله بيرجعني تاني في أعلى حالاتي المزاجية..
طب إزاى بعد ده كله يعني مقولش طظ في العالم و في الموجودات..أنا مبحبش حد إلا إنتَ فعلاً..

الاثنين، 27 يونيو 2011

الأغنية الأولى:تماماً مالادو

أستيقظ مبكراً على غير العادة..أعد لنفسي إفطاراً ضخماً ثم ألقيه في القمامة مكتفية بحبتين المسكن مع النسكافيه في الشرفة..الشارع الصامت تماماً قبيل امتلاءه بصخب التلاميذ و نداءات الباعة الجائلين يغريني بالتوهان قليلاً..الصباح الباكر الذي لا أعرفه..و رائحة المدرسة و أصدقاء آتوني في الحلم الليلة السابقة..أقرر اتخاذ نفس الطريق الذي سلكته طيلة سنوات الدراسة..أستعيد ذكريات ساذجة و هموم أولى و مشاكل تضحكني فأخجل احتراماً للفتاة التي كانت في يومٍ ما.. التلاميذ الذين بدأوا في التوافد و الوقوف على باب المدرسة استعداداً لامتحانات الثانوية العامة ..ورائحة المذكرات.. أخر ورقتين كتبوا على عجالة ..الدعابات المفتعلة و النظرات المتوترة...أرى فتاة تشبهني و أخرى تشبه منى و أخرى تشبه هايدي..أستطيع التنبؤ بحياة كل منهن..ابتسم لتلك التي تشبهني مشجعة و أواصل الطريق..
أزن نفسي..
58 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

المحلات تفتح أبوابها على استحياء..
أراقب واجهات العرض..الطريق الذي اعتدت المضي فيه مسرعة أو متأخرة عن ميعاد ما..عن شخص ما..يدهشني بتغيرُه..أكتشف  وجوهاً جديدة و أسماءاً جديدة..أتابع السير على مهلٍ لأعيد اكتشاف الأشياء و الموجودات بدهشة أولى..أدقق في الأوراق المتناثرة على جانبي الطريق..بقايا لأشخاص مروا من هنا منذ يوم..يومين ..سنوات....ذكريات بعيدة كأنها من عالم أخر أو لشخص أخر لتقاطع ما..بوابة منزل..و واجهة عرض..أرصفة كتب..أتذكر مجلة النجوم التي كنت ابتاعها بعد المدرسة باحثة عن صورة تصلح لتكملة حائط غرفتي..و رصيف جلست عليه يوماً لكتابة كلمات أغنية رشيد طه الأخيرة من أجل صديقة لا أذكرها..

أزن نفسي..
55 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

عيادة طبيبي المفضل في الطفولة..كنت قد اعتدت على استبدال لعبتي المفضلة او طعامي المفضل بطبيبي المفضل و دوائي المفضل ..اتذكر تفاصيل غرفة الكشف و ابتسامة الطبيب..أشعر برغبة شديدة في رؤيته من جديد ..اصعد لأجد باب العيادة المغلق..أُخرج ورقة وأكتب ..إلى الدكتور إيهاب عبد المنعم وهبه..شكراً..
أتذكر طعم الكابتشينو بعد المدرسة فأطلب واحداً..المحل المليء بالمرايا كما كان منذ الأزل يحيطني بمئات الفتيات اللواتي يشبهنني و لا أعرفهن..أقترب قليلاً من تفاصيل وجهي.. عيناى المغلقتان قليلاً..التجاعيد حول شفتي الرفيعتين دوماً..لا أعرفني..أكتفي بشرب الكابتشينو محملقة في النادل المتعجب و أمضي..

أزن نفسي..
50 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

استعيد القدرة على التوهان..ألتحم من جديد بأسفلت الطريق..أمضي وحيدة تماماً في شوارع تخلق للتو من أجلى..أسير..أتمتم بلحن أغنية فرنسية لا أذكر كلماتها بالتحديد..استبدل كلماتها بأخرى عربية لتصبح شيئاً طفولي أحمق...جي سوي مالادو..تماماً..مالادو..و الطريق طويل..و مفيش أخر..مالادو..و أخر الدنيا بعيييد..بعيييد..جي سوي مالادو..أضحك..
على مخارج المدينة توقفت قليلا لألتقط أنفاسي..أين يقع أخر الدنيا؟..أفكر قليلاً..ربما في نهاية هذا الطريق..أو الذي يليه..أو الذي يليه..اليوم بالتأكيد يمكنني الوصول..أخر الدنيا يبدو كحلم الراحة بعد التعب..و أنا مالادو..تماماً مالادو..

أزن نفسي..
45 كيلو جرام..
أبدأ السير من جديد..

الخميس، 23 يونيو 2011

السما السابعة:جديداً لنج

كتر النور بيعمي العيون..
فتضطر تغمض..
فتشوف أكتر.
.في السما السابعة
 خايفة أكفر بكل اللي فات..
الملذات..
بتتوّه.
.و بتنَّسي اللي حصل.
.و اللي حاصل..
ومبتعرفش تركز في اللي هيحصل.
.السما السابعة لازم تدخلها لوحدك..
تتوه عشان توصل..
فسيب على بابها قلبك و قلمك و مفاتيحك..
وادخل..

الحجاب الأول:1987-1994

في البدء..كان النقاء..
عن النجمة اللي بتوصل الجوابات..و بتسمع اول محاولاتك للكلام..عن البيجاما الروز اللي عليها قطة بتتاوب..ومجلد ميكي اللي بتقرالك منه أختك لحد ما تنامي عشان تعوضك عن غياب امك..عن أغنية نفسي و ايمان البحر درويش..واللعبة اللي على شكل ولد راكب بسكليته..اللي جدتك سمتهولك إيهاب..إيهاب لسه موجود لحد دلوقت بس جدتك راحت في يوم الصبح و مرجعتش..
عن خطب عبد الناصر المسجلة في كاسيت ..و الشاى باللبن و صباح الخير يا مصر..ومس عبير اللي بتخليكي تكتبي الواجب مرتين عشان خطك وحش..
عن إن أكبر مشاكلك كانت القلم السنون أبو كذا راس..لما بيقع سن مبتعرفيش تركبي اللي وراه..و الحصة بتخلص قبل ما تكوني لحقتي تنقلي الدرس..

الحجاب التاني1995-2000
عن المعاناة اللي بتتنسى..
عن تبديل البكا بالإفيه..كل ذكرياتك عن عملية خلتك ترقدي في السرير أسبوعين هى إزاى دكتور التخدير خلاكي تختاري بين لون الحقنة الروز او الأزرق..و إنك نسيتي العياط وركزتي شوية في الاختيار وقلتي الأزرق..من يومها كل ما تحتاري في الاختيار بين ألوان الهدوم أو الشنط أو حتى لون خلفية بوستر مشروع التخرج..تختاري الأزرق..
عن المدرسة اللي محضرتيهاش..و أول فنجان قهوة من ورا مامتك..عن مغامراتك لما البيت يفضى..فتجري رايح جاى في طول الشقه و عرضها رغم إنك ممنوعة من الجري..و الروج الأحمر قدام التسريحة ..و الخيمة في نص الأوضة..
وحلم الهروب..عن أول علاقتك بالسما ..و الصلا..و النجوم..عن ولعك بالاحتفاظ و الأرشفة..وعن جهدك في تثبيت رجليكي على الأرض..عشان متطيريش..

الحجاب التالت2001-2008
عن المشي كل يوم لوحدك من المدرسة للبيت..مج الكابتشينو في مرزوق قبل ما تروحي..عن سنانك الصفرا من اثر 10 سنين مضادات حيوية..بس بتحبيها..عن اسطورة البيت  و الغرباء..عن ريحة ورق المذاكرة و امتحان القدرات..عن القاهرة للمرة الاولى لوحدك..و العالم الجديد..عن السفر و القطارات و محطة مصر..عن الحب الأول..و الموت الأول..و الصدمة الأولى..و الاكتئاب الأول...عن أول مرة تشوفي  بالعدسات..عن أول هدية..و أول حرية..وأول ملل..وأول ندم..
عن الأحلام بحاجات كتير مش فاكرة حاجة منها..ومش عايزة افتكر..

الحجاب الرابع:2009-2011
أربع سنين فيهم كل حاجة..ومفيهومش أى حاجة..الأحداث الكتير ممكن بتلغي بعضها..و ممكن عشان كانوا أصعب وقت اتنسوا بسرعة..مش فاكرة منهم غير اللف الكتير..و الوشوش الكتير اللي راح معظمها و استريحت..و التصفيه و الاستقرار على صاحب بجد..و على قرار..إن كله بيعدي..ومفيش حاجة تستاهل..على البدايات الجديدة..و الأمل الجديد..عن الاقتراب ..و البحث..و التعمق..عن التوقف فجأة و إعادة الحسابات..فتكتشف إن اللي فات ميستاهلش فعلاً..فتتغسل من جوه..وترجع جديداً لنج..عن النقاء..منه و إليه نعود..

في  السما السابعة ..مش مهم إنك وصلت..المهم عملت إيه عشان توصل..




في السما السابعة..مش هتقابل غير نفسك..فــ اثبت..



الأحد، 5 يونيو 2011

السما السادسة:"جايلك علي أبوابك مكسّر يارب لصّمني.* .



أنت عارف أنا المرة دي موجوعة قد إيه..مش قادرة أحكي لحد عن مدى الألم اللي أنا فيه لأن محدش هيتخيله غيرك..أنت الوحيد اللي مش هتسأل ليه صابرة على كده..أنت عارف إني مش زعلانة منه..أنا زعلانة من نفسي أوي إنها مش قادره تبطل تحبه..هو سألني و إنتي ليه عايزة تبطلي تحبيني..معرفتش أرد..بس أنتَ عارف إني مش عايزة ده..أنا عايزاه هو يبتدي يعرف إنه بيحبني..


إنتَ حاسس أكيد بالغصة اللي في الحلق كأنه متعور بسكينة..و احساسي إني محدش شيء مؤلم جداً..أنا عارفة إنه بيحبني ..بس هو مش عارف ده..بيقاوح نفسه و بيجرحني عمد عشان يثبت إنه مفيش حد ممكن يأثر فيه..وإنه يقدر يعيش لوحده عادي..هو ممكن يعيش لوحده عادي..وأنا ممكن أعيش لوحدي..بس أنا متأكدة إن الجرح واحد..حتى لو هو مش معترف بده..


كنت دايماً بقول الدنيا مبتديش محتاج..بس أنا كنت محتجالُه وجه  فعلاً..أنا ظالمة الدنيا جداً..من ساعة ما أنت أنعمت عليا بنعمة الفهم مبقتش قادرة أمنع نفسي من الابتسام..الدنيا منصفة بس بشكل أعلى من الفهم الانساني..أنت طلبت مني أني محاولش أتفلسف على الدنيا...محدش عمل كده و نجح..كل الفلاسفة عجزوا إنهم يتفقوا على تفسير واحد ليها..الدنيا أكثر ذكاءاً  من كده..و أعظم من إنها تتفسر بشوية نظريات و قواعد..


الليل اللي كان مكتوب على اسمه..كلامنا.. صوته ..الكلمتين الحلوين اللي كان بيقولهم أحياناً وهو  مش واخد باله و بيخلوني طايرة في الهوا..مبقاش ملكي..الليل بقى ملك ناس تانية..بيوت تانية..شوارع تانية..وأنا مكتفية بشوية نهار..بوفر كل دقيقة في اليوم عشان أكلمه فيها..اكتشفت اني بفوت الصلاة..و بقول إنك ممكن تغفرلي ..أنتَ فاهم أكتر منه أنا بحبه إزاى..أنتَ مصدقني أكتر منه..


حلم بيجيلي كتير و بيأكدلي إنه في الأخر ليا..بعد سنة ..اتنين..خمسة..مش مهم..أنا مش مستحملة الوضع زيّ ما هو متخيل..ولا أنا مضطرة إني أتحمله..لو كان قرار البعد صعب فالتجاوز أسهل بكتير وعندي ثقة فيك إنك هتساعدني على ده..بس أنا متشبثة بالحلم ده و مش عايزاه يموت..الأحلام كائنات حية تتغذى على الأمل..و بتموت كل ما بيموّت فيّا الأمل ده بكلمة واحدة منه..و الواحد بيموت لما بيكتشف إنه بقى عاجز عن الحلم..أرجوك متخليهوش يموتني..


يارب أنا قربت من عرشك أوي..بيني و بينك سما واحدة.. يارب متكفرش ذنوبي اللي فاتت في حبي له..و ألف بين قلوبنا زي ما ألفت بين التلج و النار..يارب ياللي أنت سامع و شايف و عارف اللي أنا حتى معرفوش..خفف الحزن عنا و ساعدنا على فهم نعمة الحياة..و رجعلنا القدرة على المجازفة..و قوينا بنورك اللي بيصحي كل خليه فينا..و طبطب علينا برحمتك..و اغفر يارب..و متفضلش واحد فينا على التاني فتبعدنا..يارب ياللي باعتني بملاك لحد السما السابعة عشان أعرفك أكتر في تجربة حب..ساعدني في التجربة..و أديني الصبر من عندك يارب..و خليني أنتصر فيها..عمر الهزيمة ما كانت أحب ليك م الانتصار..

_____________________________________

* العنوان من قصيدة لأحمد العايدي
**في رحلة الاسراء و المعراج السماء السادسة اسمها الخالصة
وفيها قابل النبي سيدنا موسى كليم الله..
*** الصورة لتشي أحمد



الاثنين، 30 مايو 2011

السما الخامسة:و أكبر الخيانات الخذلان..

كانت بتعمل كل حاجة ممكن تتعمل علشان ميسيبهاش...كانت بتفكر إن مفيش حد مهم  في الكون قد أهميته..رضيت تحبس نفسها في السما الخامسة لوحدها رغم إنها عارفه إن فيها أبواب النار*..سدت ودنها عن صوت كل المعذبين اللي قالولها تهرب قبل ما تلاقي نفسها فجأة مش لاقيه باب الخروج..

..كان دايماً اصحابها بيقولولها إنها عمرها ما حبت فعلاً..المرة دي الحب اللي يخلي قلبها يدق بالسرعه دي بمجرد ما تسمع صوته..اللي يخلي عضمها كله يوجعها لما يوحشها..خلاها تعرف إنها للمرة الأولى في حياتها -بكل ابتذال الجمل المعادة-بتحب فعلاً..

كان عدم ثقته في الحب تحدي ليها..آمنت إن ممكن يكون ربنا خلاها في طريقه عشان ترجعله ثقته بالحب في الدنيا..نسيت كل عثراتها الشخصية و إحباطاتها المتتالية علشان تعمل لنفسها حصانة ضد أى ذرة شك فيه..البنت اللي عمرها ما دخلت علاقة حب إلا و اتخانت..شالت من عقلها صورة خطيبها السابق بـ (اللاف بايتس) في رقبته..صورة خطوبة بطل قصة الحب الوحيدة في حياتها على بنت تناسبه أكتر ..فكرة ارتباط الولد اللي كان بيحبها بعد ما سابته بتلات أيام..وقررت إنها ترجع ثقتها بنفسها ..و بالدنيا و بالحب تاني بيه و معاه..

وهو المحلق في سما تانية  لسه موصلتلهاش..ساعات ينزلها شوية و ساعات يطير تاني..يطلع لفوق السما الخامسة في السماوات العليا المرغوبة اللي فيها البنات شعرهم كيرلي و لابسين فساتين بيضا قصيرة..وحواليهم ضباب و دخان زي الأساطير...لحد ما نفسه يتقطع من العلو و ينزلها تاني ..فتنسى إن شعرها مش كيرلي و إنها مبتلبسش غير بناطيل جينز..و معندهاش اى مصدر يعملها دخان زيّ الأساطير..وتحاول تاني تعمل كل حاجة عشان ميسيبهاش.. و تحس إن السما أخيراً بقت بيت..فيهد حيطانه فجأة بكلمة.. و يطير..

الوسط اللي كانت واقفه فيه لا هى طايله تبقى من البنات المعذبات في النار..ولا من البنات المرغوبات اللي في الجنة..هى زي رقم خمسة في نص العد من واحد لعشرة..هى خمسة..لا هتقدر تقل عنه ولا تزيد..

.هى تعبت من البص لفوق في عز نور الشمس..عينيها اللي قربت تبطل تشوف بيها..وروحها اللي بقت بتترعش دايماً..الدقة الناقصة في قلبها من كتر ما دق بسرعة أكبر من طاقته..خلتها تنكمش في مكانها اللي في النص..و تعيد تفكير في كل اللي فات و اللي جاى..

البنت اللي كانت بتعمل كل حاجة تقدر عليها عشان ميسيبهاش..نسيت احتمالية  إنها هى اللي ممكن تسيبه..


------------------------------------------------------------
*في رحلة الإسراءو المعراج كانت السما الخامسة فيها أبواب النار..
**الصورة لتشي أحمد

الاثنين، 16 مايو 2011

السما الرابعة:سما من فضة*



كل يوم بقعد في نفس المكان في البلكونة و أرفع راسي للسما اللي بلون الفضة بعد الغروب.. و في أخر نقطة ممكنة الشمس سايبه شوية لون برتقاني مبعتر كأنه أخر ضربة لفرشة زيت في اللوحة.. وبفتكر لما الشهاب عدى في نفس اللحظة دي في السما و أنت جنبي..شاورت عليه وقلتلك  شهاب معدي في السما.. ممكن نتمنى أمنية..يومها أنت ضحكت و قلتلي دي طيارة نفاثة.. قلتلك لأ ده شهاب.. شهاب و الله و اتمنيت أمنية في سري.. قلتلي إنتي بتتلككي عشان تتمني أمنية..قلتلك أيوه أنا بتلكك على السعادة و بتمناها بكل الأشكال..

إنت عارف إن الدنيا أقصر من إننا نضيعها في التساؤل لو كان ده شهاب فعلاً ولا طيارة نفاثة..الأحسن إننا نستغل اللحظة و نتمنى الأمنية و في كل الأحوال ربنا اللي خلق الشهاب و السما و الطيارة النفاثة هيسمع و مش هينسى..

قبل ما ندخل من البلكونة قلتلي مش عايزة تعرفي يعني إيه خمسة؟ قلتلك انت قلتلي انها كلمة من أربع حروف و شدة..قولتلي أنا عارف إنك عارفة و بتستعبطي..قلتلك ممكن عايزة اسمعها منك؟ وقربت منك جداً و فضلت  أقول يعني إيه خمسة؟هه؟ يعني إيه خمسة؟
بطريقتك اللي بتبصلي فيها من غير ماتبصلي فعلياً قلت خمسة يعني بحبّك..
 حسيت وقتها إني وشي بقى لون السما حوالين الشمس ساعة الشروق..بس كانت أكتر حاجة عايزة أعملها إني ابص للسما و ابعت بوسة للشهاب اللي نفذ أمنيتي بسرعة كده...
يمكن أنت  فاكر إنها مجرد كلمة ممكن تتقال أو متتقالش..بس بحبك قدام السما هى اعتراف و عقد غير مكتوب..

أنا عارفة إننا مش مع بعض فعلاً..بس أنا معتبراك أكتر من مجرد شخص بحبه..إنت اللي السما اختارتهولي و أنا اللي السما اختارتهالك..و بعد كام سنة هنقف قدامها برضه و نأكد على اختيارها ده..
على فكرة العربية ممكن بشوية مجهود و شوية فن وشوية تصميم مني على تصميمات منك تشتغل بالطاقة الشمسية كمان..و السما اللي انا متأكدة من إنها بتحبنا أكيد مش هتبخل علينا بشمسها..و خليك عارف إن الطاقة الشمسية بتحافظ على البيئة وكمان مصدر متجدد للطاقة مبتنتهيش غير بانتهاء العالم..

السما الرابعة اللي لون الفضة  كانت شاهدة علينا في أول بحبّك تتقال..طب عايز إيه أكتر من كده تأكيد؟**

_____________________
*في رحلة الإسراء و المعراج كانت السما الرابعة  سما من فضة بيضا اسمها الزاهرة..

** هذه الحكاية حقيقية تماماً بدون أى تدخل من خيالي..

*** بطل الحكاية هو أكتر شخص بحبه في مجرة درب التبانة و المجرات المجاورة..وهو بس اللي هيفهم ايه علاقة العربية بالأحداث..

الجمعة، 13 مايو 2011

السما التالتة:أيوه أنا هى بس أنت مش يوسف*


أنت في السما التالتة..وأنا في الأرض..ومفيش غير إني اتخيلك معايا بجد..بمشي في الشارع بتكلم معاك..وأبص للسما و أضحك..و في السوبر ماركت باخد رأيك في نوع العصير اللي هشتريه..المارشميللو اللي هنشويه في البلكونه النهاردة..و ريحة معطر الجو..و هتسمع معايا أم كلثوم و تفهم..و نتفرج مع بعض على فيلم مكانش بيعجبك و تدمع..
بالليل هنام في حضنك....و أقول الصبح هصحى الاقيك بجد..

بجري في الشوارع اللي مشينا فيها مع بعض..أحضن الشجر..و المس الكراسي اللي شاركتني فيك..و أشرب كوبايتين شاى بالنعناع..و أغمض عينيا و أشوفك بتشرب معايا..وكل الكلام اللي اتقال ما بيننا و اللي متقالش هسمعه في ودني..و الأرض كلها هتسمعه معايا فيوصلك في السما التالتة فتبتسم..

متفتكرش بُعدك الحالي بيموتني..السما التالتة مش بعيدة جداً..دي كل يوم بتقرب أكتر..و مع إنها مفيهاش ولا نجمة بس أنا شيفاك بتراقبني..مستني اللحظة المناسبة علشان ترجع الأرض..

خليك في السما بتاعتك ..ما الوجود عبارة عن تخيل..وأنتَ أصلاً حلم..و الحلم أقدر أحلمه في أى وقت..وممكن أخليه كمان أحلى مليون مرة من الحقيقة..فكل الحاجات اللي انت معملتهاش هتعملها بقوة خيالي..في خيالي عمرك ما هتبعد ..عمرك ما هتسيبني..والخوف من فراقك مبقاش له وجود.. 

خليك في سماك التالته الضلمة جداً..و أنا على الأرض لوحدي..كده الوضع أكثر أمناً..خليني عايشة على أمل إنك ترجع..بدل ما ترجع فعلاً في يوم فاكتشف إني مبقتش أعرفك..و إن خيالك الجميل أحلى كتير من الواقع..فأكرهك..خليك ضحكة حلوة في عيون الصبح..أثر النعناع في الحلق ..ريحة القهوة في المطحنة..طعم الهوا الساعه 6 الصبح..أول مسكة إيد بشكل عارض..بصتك ليا من بعيد و أنا في وسط مليون حد..كلمة بحبك اللي متقالتش..رغم إنها اتقالت ألف مرة..

ورغم إنك في السما التالتة..بس خليك عارف..إن أنتَ مش يوسف**..

-----------------------------------------------------------------------
 
* العنوان من قصيدة لكوثر مصطفى..
** في رحلة الإسراء و المعراج كان النبي الموجود في السما التالتة هو سيدنا يوسف..

***البوست ده إهداء لــ لميا محمود أكتر واحدة هتفهمه..

****الصورة by che ahmed

الخميس، 21 أبريل 2011

السما التانية:سما الملايكة

السفر طويل ومتعب..وشريط القطر مبيخلصش..القطر اللي عارف قضبانه كويس خلاص مبيزهقش..و في الضلمة شايف..ومستمر..للنهاية..الركاب في القطر كلهم نايميين..ماعدا أنا..واقف ما بين العربيات بدخن..و فاتح الباب و مش خايف..الضلمة بره القطر متعبة..مش مرعبة..والتعب بيروح بفنجان قهوة و حبايتين مسكن..

حبايتين مسكن كمان..

السكة طويلة..طويلة أوي..والأسوأ إن مفيش حد معاك يكلمك لحد ما توصل..و المزيكا اللي بتسمعها هتخلص لما البطارية تخلص..وهنا مينفعش تعيد شحن  روحك..

فـ حبايتين مسكن كمان..

السفر بالليل صامت..وصمته بيعمل زنة في ودنك..فتغني لنفسك أغنية واحد ميت..و تضحك...غني..غني لروحك..

و حبايتين مسكن كمان..

و السيجارة اللي مبتخلصش روحها طلعت و انطفت وهى لسه بحالها..وهنا مفيش ولاعات عشان متولعش في روحك..

ثم حبايتين مسكن كمان..

الهوا بيزق باب القطر عشان يقفله..وأنت ساند الباب برجلك بتعافر عشان تفضل فاتح باب روحك..

فـ حبايتين مسكن كمان.. 

تطلع راسك من باب القطر المفتوح فتشوف السما التانية اللي كلها ملايكة..قربت توصل؟ قربت؟ مش عارف؟..فاسأل روحك..

حبايتين مسكن كمان..

اللمبة النايلون بتقيد وتطفي..بتقيد فتشوف فراشات طايره..وتطفي فتشوف أشباح..تقيد ..تطفي..تقيد..تطفي..
وأنت برضه مش عارف تطفي روحك؟؟

حبايتين مسكن كمان..
حبايتين مسكن كمان..
حبايتين مسكن كمان..

الاثنين، 18 أبريل 2011

السما الأولى: كانت لسه فاضية..

البنت الصغيرة اللي بتمسك المراية وتحطها تحت مناخيرها و تجري..عينيها شايفه السما المعكوسة في المراية دلوقت تحتها..بتجري فوق السما..فوق النجوم..و تشوط القمر برجلها يبعد و تجري وراه تجيبه فيبتسم..ويرجع مكانه تاني علشان تشوطه تاني...
والسحاب اللي كان بيتلونلها ..أبيض زي اللبن الفجر..كريمي العصريه..وأحمر وقت الغروب..و رمادي بالليل..علشان تغزل كل لون فستان تلبسه و تجري..
السما الفاضية -وقتها- كانت ملكها..كل يوم تطلع و أخر الليل ترجع سريرها معاها أحلام تكفي سنة..و شوية نجوم تحوشهم في البرطمان الإزاز اللي مخبياه كويس علشان محدش يعرف قيمته غيرها....
البنت الكبيرة اللي نسيت فساتينها في البيت القديم..و برطمان النجوم المستخبي تحت السرير..وشكل السما ساعة الشروق..وطعم المطر قبل ما يمس الأرض..بصت النهاردة للقمر و افتكرت ضحكته..وقررت إنها تطلع المرة دي السما..ومتنزلش..

الأربعاء، 23 مارس 2011

الحلم الأخير: حقيقي 100%

النهاردة كنت بحاول افتكر تفاصيل عدت لحكايات فاتت..ومقدرتش..اكتشفت أن الحاجات اللي كنت فكراها مش ممكن تتنسى ممكن بلمسة واحدة من إيد  تمر عليها تمحيها كلها بشكل بسيط..و حلو..
النهاردة كنت بحاول افتكر تاريخ ما ..وأغنية ما..و حاجات حزينة و حاجات مفرحة..واكتشفت أن الذكريات مش بتتراكم زيّ ما كنت فاكرة..الذكريات مادة تذوب فيما يليها..وخصوصاً لو درجة حرارته كانت أعلى..
النهاردة ممكن أقول أن الحكايات اللي مرت ..مرت فعلاً لواحدة غيري..وأن الحكايات اللي جايه..مش أكيد هتبقى ليا..بس أنا هقدر استمتع بيها بشكل أو بأخر...
لو الحكاية المرة دي مكانتش حتى حقيقية..فأنا مكتفيه بده .و مبسوطة..وراضية..و مقتنعة..
الحكاية المرة دي مقلقة..وعويصة..و أسطورية..و بسيطة..و حزينة..و سعيدة..والأهم من ده كله..هى حكاية أخيرة..