الأحد، 11 سبتمبر 2011

1-عن الليل و الظلام و التفاصيل..

-الظلام..


الثانية و النصف صباحاً..أطفأ أنوار المنزل كلها و أجلس في الظلام..هناك دائماً خيط دخان يصاحبني..من فنجان قهوة أو قدح شاي..ربما سيجارة..دخان ما في الظلام يجعلني أشكك في ما يحدث حولي فعلاً..ربما أحلم..ربما هى هلوسة طويلة نوعاً..
قلت لك ذات يوم ليتني ما قابلتك..ربما من الأفضل أن يتم التعامل بيني و بين نفسي من الآن على أن ما حدث كان في عقلي فقط..محو ما بيننا لن يكون بهذه الصعوبة فلا أحد يعرف عنا أى شيء..لا يوجد منك عندي سوى تذكرة سفر تؤكد قدومك ذات يوم..و غلاف شيكولاتة..أحمد الله أن أغلفة الشيكولاتة لا يمكن الكتابة عليها عكس تذاكرالسفر و إن كان من الصعب تمزيقها مثلها..ثم أتذكر أن أغلفة الشيكولاتة جميعها تتشابه..أغلفة الشيكولاتة لا يسجل فوقها تاريخ تناولها..
ربما أتظاهر بأنها ليست لك ..أو أنك لم تلمسها يوماً و أنت تبتاعها لي..صورتك في الحافظة و على الهاتف يسهل محوهم..لا شيء أسهل من المحو إن استطعت إليه سبيلاً..في كل مرة أتوقف طويلاً أمام زرار الديليت ولا أستطيع..تطاردني نظرة عينيك مذكرة بأنك كنت..لتظل..فألقي بالهاتف بعيداً..وأصمت..
-أحب الكتابة في الظلام حتى لا أرى ما أكتبه..تقول و كيف ترين السطور إذن؟ أرد بأنني لا أحتاج لسطور على كل الأحوال..خطي مائل مثل حظ صاحبته..تضحك..
أتذكر ضحكتك و عينيك الضيقتين اللتين لا تنظران لي أبداً..فأمسك الهاتف لأحادثك..أصعب مافي محادثتك صوت الجرس في البداية..صوت الجرس البارد المستمر..أتجمد حتى ينقطع مع كلمة لا يوجد رد..أنتظر قليلاً معجزة ظهور اسمك على الهاتف فلا تحدث..
***
-الليل..


الليل طويل..أضغط على زرار إعادة البلاي ليست الدائمة للبداية..تقول أنغام و أنا لوحدي بفكر فيك..أفكر فيك طوال الوقت..أكلم الجميع و أضحك و أبدو على ما يرام..وصورتك تغطي كل تفاصيل محدثي..أخطأ في الاسم دائماً لأقول اسمك فيتظاهر الجميع بعدم الملاحظة..اسمك..اكتبه كثيراًً جداً على الصفحات الفارغة عل اسمك يُحضرك..فلا تحضر..
كنت أتمنى أن تكون هذه قصة حب تقليدية..ربما حينها كنت سأتحدث عن حرقة فراقك..لا أستطيع ..أصب القهوة دون أن أرى جيداً في الظلام وأعود مترنحة إلى مقعدي..أتظاهر بأنك جواري في الظلام و أتحدث..في الظلام كل شيء يمكن حدوثه..ربما تكون أنت هنا بالفعل إلى جواري دون أن أراك..
أحكي لك عن هذا الصباح..العيد مرة أخرى وأنا أكره الأعياد..الشوارع الممتلئة بناس لا أدري من أين آتوا و كأنهم خلقوا للتو بالملابس الجديدة و الابتسامة الدائمة على وجوههم..أيخدعنا الله و يرسل إلينا أشخاص مبتسمين صبيحة الأعياد لإجبارنا على السعادة هذا اليوم؟لماذا يصر الناس على الاحتفال بأى شكل؟ لماذا لا يوجد عيد للحزن..يصمت فيه الجميع؟ يبكي فيه الجميع في الشوارع دون حرج..عيد أستطيع فيه احتضان جارتي في الأتوبيس مواسية دون معرفة اسمها أو قصتها؟
اصعد إلى السوبر ماركت وحدي..أقف أمام واجهات العصير مخمنة ماذا كنت ستفضل..اختار علبتي عصير تفاح أخضر و علبتي لبن..اشتري لك قطعة شيكولاتة..أضع لنفسي خط أمل ربما تأتي يوماً ما فأريك كل قطع الشيكولاتة التي ابتعتها لك.. لتعرف أنني لم أتوقف عن التفكير فيك..
*****
-التفاصيل..


أمشي حاملة أكياس البقالة في الشارع..تقتلني التفاصيل..التفاصيل الصغيرة التي لا أتوقف عن ملاحظتها..لا أستطيع التوقف عن قراءة كل اللافتات على جانبي الطريق..الأوراق المتناثرة هنا و هناك..أسماء المحلات..عناوين الجرائد..أرقام العربات المارة..فتارين المحلات..أوراق الشجر المتساقطة..ظللت خمس سنوات طيلة دراستي في القاهرة أسافر في القطار لا أفعل شيئا طوال الطريق سوى النظر من الشباك للحصى بين القضبان..أرى اغلفة الشيبسي و العلب الفارغة الملقاة..حذاء طفل أنسج حوله مئات السيناريوهات حسب حالتي المزاجية....مفاتيح قديمة..أغطية أقلام..أكواب بلاستيكية وبقايا طعام..أعد الأشجار على جانب الطريق حتى أصل..بين القاهرة و طنطا هناك 2645 شجرة على جانب واحد..مندهش؟ أنا كاذبة ..من ضمنهم أشباح أشجار..الأشجار التي يقطع من قشرتها جزء لعمل راكية الشاي مساءاً تكون ميتة القلب..لا تعرف هذه المعلومة؟ الأشجار مثلنا تماماً..يكفيها خدش في القلب لتموت...لكنني لا أستطيع تمييز الميت من الحي طالما ظل واقفاً..
لماذا لم أراك في القطار..ربما كنت ستعد معي الأشجار و تصحح  عددها لي..ربما استطعت أنت تمييز الحي منها من الميت...ربما شاركتني فكرة مجنونة في النزول في محطة ليست محطتي..في التوهان قليلاً في بلاد لا أعرفها..متأخرة..أنا متأخرة دوماً عن الأمور الهامة في حياتي..لأندم على تفاصيل صغيرة حدثت ربما لو لم تحدث لكنت الآن معي في النور و ليس الظلام..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق