الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

2-عن الألم و الصمت و الدعاء

-الألم..
أقف أمام المرآة..أضع الإيشارب حول رأسي ثم أنزعه..صوت سعاد ماسي يبلبل أفكاري بعض الشيء فأشعر بالدوار..أسدل شعري حول وجهي دون أن أرمش..أضع القليل من البودرة على السواد المتراكم تحت عيناى ثم أتوقف..لن يلتفت أحد لذلك تماماً..أقرر اليوم النزول بدون الحجاب عقاباً لله على ألمي..ثم أفكر..ان الله لم يُنكر أبداً خَلقِه للألم..وكل خَلقِهِ مِنهُ..يشعرنا الله بالآلام لنتذكر أنه يتألم أيضاً من أجلنا..ثم يطيبنا لنعرف أنه وحده القادر على ذلك..يخلق الله الشيء و نقيضه لنعرفُه..ويظهر هو لنا في النقيضين..واحد..
أعيد إحكام الإيشارب حول رأسي..أجلس وحدي في مقهى متسع جداً..أحدث الفراغ بجواري كعادتي..ينظر لي الجميع بدهشة..يعرفني النادل فيحضر لي قهوتي دون سؤال ويذهب..وحدي أنا أراك كائناً بجواري تدخن كالعادة..تختار شيكولاتة ساخنة من القائمة فتظهر للتو أمامك..أخبرك أن الله يعتبرك نبي من أنبيائه..تقول أنا نبي سري لا يراني سواك..أقول من يتبعك يراك ولا يتبعك سواي..
لما تؤمنين بي؟..تسأل..
أقول أتيتني في الحلم قبل أن أعرفك..لتلقي عليّ سلاماً و تمضي..كنت كنبوءة محمد عند العرب..ولكني استفدت من خطأهم في عدم تصديقها..أصدقك و أتبعك و أنت نبوءتي و حقيقتي..
تبتسم..لا نتحدث..لا أصدق في الحديث..وحدها الأفكار تكفي لاستيعابك..في خيالي الكثير من الكلام بيننا..الكلام الذي سيقال عندما نتوحد معاً..أنت لا تزال نبي الله الهائم..لم تجد نبوتك معجزتها بعد..تسير وحدك في صحراءه لتبحث عنها وأنا لا أستطيع أن أمنعك..عندما تجدها ستعود لي قائلاً دثريني..سأدثرك بي لتسمع كل الكلام الذي لم يقال...
_____
-الصمت
يسألني الجميع أين ذهبت وأنت جواري لا يرونك..أقول من؟ يقولون ..هو..أين ذهب؟ لماذا افترقتما؟ أقول لا أعرفه..لماذا نفترق ونحن لم نلتقي بعد؟ أنظر لك بطرف عيني وأنت تجلس صامتاً..أُخفي سرك حتى لا يؤذونك..يحب الناس قتل الأنبياء في المهد دائماً..ينظر لي الجميع بدهشة ثم إشفاق..أتودين عدم الحديث في الأمر. أهز رأسي نافية..أنا لا أعرف عم تتحدثون؟..أغادر المكان وأذهب...
اتجه لمحطة القطار حيث أستريح..أركب القطار إلى الإسكندرية دون حجز..أجلس في البوفيه و أدخن..لا أراك حولي أقول ربما سبقتني إلى هُناك..يجلس بجواري شخص ما..لا أنظر إليه..يطلب مني سيجارة فأعطيه..يقول لم أر فتاة تدخن في القطار من قبل..لا أرد..يقول أهنئك على شجاعتك..أقول..أى شجاعة في الاحتراق.ألقي بالسيجارة و أغادر البوفيه..أقف بين العربات صامتة..أفتقدك..لماذا لم تأت معي؟ لم نركب سوياً قطاراً من قبل رغم المسافة الدائمة بين عالمينا..أكره القطار الذي أركبه وحدي دائماً..لماذا يفكر الجميع في إلقاء أنفسهم أمام القطار للإنتحار؟ رغم وجود الكثير من الطرق الأقل إيلاماً.. إلا أنهم يفعلون ذلك باتجاه فطري للتطهير بالآلام..يثيرون شفقة الله عله يرحمهم..لا أعرف..ربما لو كنت معي الآن كنت تخبرني..
_______
*خاطر:
أذكر حديثنا سوياً فيما مضى قبل أن تتحول لهذا النبي التائه...تسمعني أغنية even the night فأبتسم..أقول أحبك..فتبتسم..
_______
-الدعاء
يقولون أن الدعاء أمام البحر مستجاب..أقف أمامه وأفكر بما سأدعو..لا أعرف..لا يمكنني أن أطلب من الله تغيير مسار شخص أخر غيري..أقول أجعله يعود تائباً إليّ؟ كيف أدعو بأن يعود و هو ماضٍ في طريق أخر لا رجعة فيه؟ أقول..أنر له طريقه و ساعده في العثور على معجزته حتى يعود..أرتاح لهذه الصيغة أكثر..أخاطب الله باسمه السري الذي علمته لي ولا يعرفه أحدٌ سوانا عله يستجيب..أفكر..يبعث الله لك ببعضاً من قبسه فهو يحبك وأنتَ نبيه التائه..ربما لا يحبني الله..لن أعرف حتى أراك..أنت وحدك من سيخبرني...
أنتهي من الدعاء فأعود إلى مدينتي مرة أخرى..أصل إلى المنزل لأراك تنتظرني في الظلام كعادتك..أسألك: هل يحبني الله؟
تنظر لي ولا ترد..أجلس جوارك صامتة..وأنام..

هناك تعليقان (2):