الجمعة، 26 أغسطس 2011

البنت الأولى:روشين


تنظر لي روشين و تبتسم..أدير وجهي إلى الناحية الأخرى..أنا أمقت الغرباء الودودين و خاصة في وسائل المواصلات..وروشين تبدو من هذا الطراز..تشير لي روشين بأن المكان فارغ بجوارها فأشكرها بهزة رأس..
أتظاهر بالانشغال في القراءة و أجلس على الأرض أمام باب المترو..أشعر بشخص يجلس بجواري فلا أستطيع إلا أن أخمن أنه روشين..
تقول روشين أنها قرأت كل روايات ماركيز في الجامعة..أرد بكلمات من نوعية كم هذا رائع..تشير إلى الحلق في أنفها و تقول حصلت على هذا بالأمس..أخبرها كم هذا عظيم..تريني وشمها الجديد على مشط قدمها بعد أن تخلع الحذاء أخبرها أن وشم كلمة حرة على مشط قدمها لا يكفي لتصبح حرة فعلاً و أعود لقراءة الكتاب..
تقول روشين أنها خريجة فنون جميلة ..أتظاهر إني لم أسمع..تقول إنها تعشق السماء في الصباح  تظل محملقة فيها  حتى تتكون تلك الشموس الصغيرة أمام كل الموجودات..اخبرها أن هذا أقصر طريق للعمى..تقول أشرب القهوة زيادة فقط أخبرها أن القهوة مضرة بالصحة و غالباً هي سبب تلك الهالات السوداء تحت عينيها..
تقول روشين أنها لم تذهب أبداً إلى حفل لأم كلثوم..انظر إليها بدهشة ولا أرد..تقول لم يهدني أحد بالونة من قبل..اخبرها أن في المترو يوجد من يبيع كيس البالون بجنية واحد..تقول أنها تحب الكتابة في الظلام و الرسم في الظلام لأنها ترى في الظلام أفضل..أخبرها ربما تملك عينيها خاصية الأشعة فوق الحمراء فلا تحتاج للضوء..
تقول روشين إنها لا تعرف بالتحديد إلى أين تتجه..اخبرها أن لا أحد يعلم ذلك على وجه التحديد..تقول ممنوعة من كل شيء..محرومة من كل شيء..أخبرها ربما يكون هذا أفضل للصحة..تخبرني إنها تحب أن تعود للعالم مرة أخرى كجنية شريرة لتنتقم من كل من أذوها..أخبرها أن لا أحد يريد العودة حتى ولو أصبح جني شرير..
تقول روشين..أنا اسمي روشين و هذه محطتي..
أقول أنا لا أصادق الغرباء الودودين في المواصلات...
ينغلق الباب وراء روشين وهى تلوح لي..انظر للفتاة الواقفة أمامي و ابتسم..تدير وجها إلى الناحية الأخرى..أشير لها بأن المكان فارغ بجواري ..تذهب للجلوس بعيداً بجوار الباب و تنشغل بالقراءة..أذهب للجلوس بجوارها و أقول..قرأت كل قصص يوسف إدريس في الجامعة..........

هناك تعليق واحد: