الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

خارج التوقيت المحلي لمدينة القاهرة

يبدو أن اختراع آلة الزمن أصبح واجباً الآن..كُنت قد وضعت العديد من الخيارات أمامي إذا أًتيح لي في مرة من ذات المرات أن أُصادف عالِماً مجنوناً يَعرِض علىّ أن أختبر لهُ آلة الزمن التي اخترعها..فكرت في العصر الفرعوني..في عصر المماليك..مصر السبعينات..عودة الي أيام الثانوي (ممكن أذاكر أكتر و ادخل كلية تانية)...فرنسا (بس بعد الحرب العالمية التانيه مش قبلها)العديد من الخيارات التي اكتشفت أنها خيارات تافهة و غير عقلانيه..


إذا أُتيح للمرء فرصة السفر عبر الزمن يجب أن يُفكر في النقطة التي بدأت منها متاعبه..يقولون أن تغيير الماضي شىء وهمي..لكن أنا أُحب أفتراض العكس..


فكرت كثيراً جداً في نقطة البداية السوداء..و وجدتها فجأة كما أرشميدس..




مصر..عام 90..طفلة في الثالثة من العمر بريئة تماماً تُحب أن تقرأ لها أختها التي تكبرها بأربعة أعوام القصص و المجلات..النتيجة- كما تنبأت بها ماما سوزان- هى حُب الطفلة المُبكر للقراءة و قدرتها على القراءة قبل أن تدخل المدرسة..النتيجة -اللي بعدها- فخر الأب الشديد بها لدرجة انه جابلها أول هدية (هى فكراها) في حياتها..مجلد ميكي..




هذا المجلد الشرير الذي يجب أن تتوقف دار نهضة مصر عن طباعته هو السبب في كل مآساتي الحالية و السابقة و الآتية إن شاء الله..هذا المجلد الذي جعلني أقع في غرام الكتب و جعلني (وياللفظاعة)أتطور بعد ذلك الى المغامرين الخمسة ثم رجل المستحيل و ملف المستقبل ثم للكارثة الكبرى ما وراء الطبيعة و إصدارات دكتور أحمد الذي أعتبره المسئول التاني عن مآساتي..فهو الذي(فتحلي فاتوحة) وعرفني على كُتاب كبار و كتب كثيرة و أعطاني أسماء لكُتاب مثل ماركيز و نجيب محفوظ و يوسف إدريس و إيزابيل الليندي..و بالتالي صِرت من عشاق الحب في زمن الكوليرا و نتيجة لذلك-اللي بعدها- أصبحت مُدعاة للسخرية في كل المحافل الرسمية و غير الرسمية عندما يعرف أحدهم أني من هواة القراءة فيقول بذكاء واضح يجب ان تقرأي(ثم بلهجة تمثيلية مفخمة)الحبُ في زمن الكوليرا..تليها نوبة ضحك شديدة تتوقف فجأة عندما أقول ببراءة و لكني قرأتها بالفعل..لتحدث الصدمتين أولهم أن في كتاب اسمه كده فعلاً..وثانيهم ان الكائن الفضائي(أنا)اللي قاعد معاهم ده قراه..




على العموم وبعيداً عن الأستطراد مش هى دي المشكلة الكبيرة ..
مشكلتي يا سادة إني فتاة لطيفة تريد أن تُحب و تتستر و تتزوج(عشان تخلع من بيت أهلها)مثل باقي البنات صديقاتها الذين لم يقرأوا الحب في زمن الكوليرا..و تم زواجهم ولله الحمد من أطباء و مهندسين و كُتاب أيضاً و عاملين بوزارة البترول ..




المشكلة ان القراءة و التي فتحت لي أبواب عظيمة(في مقولة أخرى فشيخة) جعلت معايير الرجالة عندي متلخبطة شوية..


انا لا أستطيع يا سادة أن أرتبط بشخص لا يفهم ما أقول و يسخر من أهتماماتي ..من الموسيقى التي أسمعها..من أحلامي الوردية في حب مشتعل مثل حب(باولا) لزوجها..لا يخمده حتى وقوعي في غيبوبة دائمة في يوم من ذات الأيام..حب رفعت لماجي الدائم حتى تحترق النجوم وحتى..زوج لطيف مهتم يقرأ علىّ الشعر صباحاً و مساء و يضع لي وردة حمراء بجوار السرير مثلما كان نزار يفعل لبلقيس(ودي قصة حقيقية مش رواية على فكرة)..




الغريب و المريب في الأمر ان ال(رجالة) الموجود بهم الصفات السابق عرضها يفضلون دائماً الأرتباط بفتيات من نوعية الحب في زمن الكوليرا ده إفيه في فيلم السفارة في العمارة..بنات كانوا يبتسمون بسخرية عندما يروني أقرأ كتاب ما او أسمع زياد الرحباني..بنات غالباً ما يكونون من قرية مصرية عظيمة(في مقولة أخرى فشيخة أيضاً)لم يعرفوا العاصمة و لم يخرجوا من بيتهم ولا حتى عشان (سيدنا الحسين نداني وأنا لبيت الندا) بنات أعرف الآن أنهم كانوا عباقرة الأيام الماضية و الآتية و انهم كما تقول أمي(عارفين مصلحتهم)و أذكياء لدرجة اللؤم..




يضع ال(رجل) وردة بجوارهم على المخدة ..فيلقوا بها فوراً في القمامة(عشان متلمش نمل)..
والغريب أن ال(رجالة) يحبون ذلك بشدة و يتأكدون ان هذة المرأة هي المرأة المناسبة لهم ..هذا الشعور الذي يتلاشى بعد سنتين تلاتة و يصابوا بصدمة حضارية تجعلهم يعودون لتذكر حبيبتهم الرقيقة التي كانت تقرأ شعر لوركا و تحب صنع اطواق الياسمين..وبكل ثقة يرفع ال(رجل) الموبايل و يطلب الرقم على أعتبار ان الرقيقة سوف تجري لتركع تحت أقدامه و تعيش معه في الظل كما شادية في أغلى من حياتي و في الغالب يكون الرد غلق السماعة في وش(أهله) او على الأقل ضحكة (كباريهات ) و سبة بذيئة .أو تذكيرة بأن يسمع أغنية سميرة سعيد حب ميؤوس منه..




كل هذا لا يقلل شيئاً من حزني الداخلي..كل هذا لا يجعلني قادرة على نسيان الإساءات المتتالية من( رِجال ) كنت اعتبرهم رِجال..


مثقفين و ليبراليين (كما يقولون) يؤمنون بالمرأة المثقفة المتعلمة الطيبة..(كما يدعون)..


أنا حزينة يا سادة..حزينة و مقهورة..و أريد أن أُحَمِل أختي المسؤولية ..أن أُحَمِل أبي المسؤولية..أن أُحَمِل مجلد ميكي المسؤولية..أن أًحَمِل دكتور أحمد خالد توفيق المسؤولية..أن أحَملها لماركيز و يوسف إدريس و نجيب محفوظ و نزار قباني و محمود درويش..و لفيروز و زياد و ريم بنا و لينا شماميان..أُحمِلها لعادل إمام و فيلم السفارة في العمارة..ولكل من يقرأ هذا الكلام..




الدروس المستفادة:
1-يبدو أن مشروع أقرأ لطفلك مشروع ناجح حقاً.
2-يبدو أن مشروع القراءة للجميع مشروع فاشل حقاً.

هناك 4 تعليقات:

  1. لستِ وحدك

    انضمي للقطيع بقى المهوووس بماركيز و إيزابيل و إدريس و المنسي قنديل


    :)

    إحنا كمان معاييرنا مختلفة و ليس لها وجود مادي ملموس


    اقري بقى مئة عام من العزلة و عشت لأروي و إنيس حبيبة الروح عشان تلطمي باللاوندي

    D;

    ردحذف
  2. اقرى البوست ده بعد اذنك
    http://demaghy.blogspot.com/2010/02/blog-post.html
    بيتكلم عن نفس الموضوع اللى بتتكلمى عنه

    ردحذف
  3. يصابوا بصدمة حضارية تجعلهم يعودون لتذكر حبيبتهم الرقيقة التي كانت تقرأ شعر لوركا و تحب صنع اطواق الياسمين..
    3ala fekra elmawdhou3 da 7asalli ma3a awel w a5er 7ob fi 7ayati, el ensan elli kont 7atgawezou w sabni w ra7 etgawez wa7da tanya ba3d a2al min 3 months, fi nafs elyoum elli konna 7anetgawez fih.. w ba3d char wa7ed ettasal beya tani w 3ayez yerga3li! sob7an allah

    ردحذف
  4. gameil awi el post..inshallah everything will be fine sweetie..no need to worry..no need to blame anyone..keep on expanding your memory and knowing lots about life through books..one day your prince charming will come and will be so proud that he has you..

    ردحذف