الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

part1:القهوة لازم تتشرب في كوباية من غير غطا


فاضل على ميعاد المقابلة ساعتين، قالتلها كده السكرتيرة بكل هدوء مع إنهم لما كلموها قالولها إن الانترفيو الساعة 11، فكرت تدخل تقعد في الكافيه اللي جنب الشركة وتشرب أمريكان كافي و سيجارتين، كان اللبس الكلاسيك المطلوب للانترفيو مضايقها أوي و خصوصاً الكعب العالي،  إلى جانب الشنطة الصغيرة اللي في إيدها وحاطة فيها هدوم وبيجاما للبيات في العاصمة، كانت عاملة حساب البيات لأن لو نجحت في أول انترفيو،  في حوالي تلات أيام اختبارات.

في الواقع الشغل مكانش عاجبها جداً بس شغل بدل الفضا اللي هى عايشة فيه اليومين دول، بهدوء شالت الشنطة تاني على كتفها وطلعت السلمتين اللي قدام باب الكافيه، بسرعة شديدة كان الموقف كالتالي، كب جزمتها  اللي مش متعودة عليه اتكسر، كانت هتقع لقدام في نفس لحظة خروج شخص ما من الكافيه، ماسك فايل أوراق و جاكت البدلة على كتفه، وفي الإيد التانية كوباية قهوة شايل -لسوء الحظ الجميل-الغطا بتاعها.

الفايل بتاعه و الشنطة بتاعتها وقعوا على الأرض، والقهوة بتاعته اتدلقت بالكمال على قميصها الأبيض، فضلوا واقفين تلات ثواني باصين لبعض في عدم تصديق، قبل ما يوطي يلم في الورق و هو مش عارف يقول ايه، هى كمان وطت تشيل الشنطة وبتحاول تمسح القهوة بإيديها من على القميص فبتزود الكارثة أكتر، بهدوء مسك إيدها، وقال:

-انتي كده بتبوظي الدنيا أكتر اصبري نلم الكارثة دي وبعدين نفكر

 خد الشنطة من إيدها و دخل الكافيه و هى معاه من غير تفكير، متكلمتش ولا كلمة ولا حتى فكرت في الانترفيو كانت في حالة تبلد كاملة و خصوصاً إن القهوة كانت سخنة فعلاً، الناس اللي كانت بتبص عليهم وهما داخلين أكيد فهموا الموقف في لحظتها ورجعوا للي هما كانوا فيه، طلعوا الدور اللي فوق اللي كان فاضي شوية، وقعد و قلها اقعدي، قعدت قدامه وهى بتفوق شوية للموقف اللي هى فيه، هو كان بيضبط أوراقه في الفايل، قالتله:

- أنت بتظبط ايه؟مش شايف الشيميز بقى عامل إزاى؟أروح الأنترفيو إزاى دلوقت؟

- الانترفيو دي امتى؟

- بعد ساعتين تقريباً

 رفع عينه ليها وقال

-هتكون كل المشاكل اتحلت في ساعتين.

مش عارفة ليه لهجة الثقة دي خلتها تسكت، بس ثانية بالضبط وكان الغضب ولع تاني في دماغها، قالتله وهى بتستعد انها تزعق:

-على فكرة انت كان ممكن تاخد بالك أكتر من كده

-آخد بالي في ايه انتي اللي وقعتي فوقي أصلاً

-في حد يشيل غطا كوبايه القهوة؟انت عارف هو معمول ليه أصلا؟

-ليه؟

-معمول للناس اللي خلاص مش قادرين يبطلوا شرب قهوة في الشارع  علشان ميوقعوش القهوة وهما ماشيين على الخلق اللي لابسين شيميزات بيضا ورايحين انترفيو-بصت في ساعتها-بعد ساعتين إلا ربع

سكت شوية وبعدين قالها:

- أنا طلقت مراتي النهاردة

زى ما تكون الدنيا مطرت تلج فوقها هى بس، فضلت ساكتة خمس دقايق كان هو فيهم ضبط الفايل بتاعه و حط شنطتها على الكرسي اللي جنبه و ولع سيجارة.

الجرسون لما جه طلب من غير مايسألها اتنين أمريكان كافي، لما بصلها تاني قالتله:

- أنا أسفة جداً

-على إيه؟

-على كل النرفزة دي،  بيتهيألي انترفيو غبي في شركة أنا أصلاً مش عايزة أشتغل فيها مش بأهمية حاجة زى الطلاق

-انتي شايفة أن الطلاق صعب أوي كده؟

-أيوه ده قرار حياة عامل كأنك بتقرر تقطع جزء من حياتك انتحار جزئي يعني

-عامة القرار متاخد من زمان دي كانت إجراءات شكلية النهاردة، سكت شوية وقالها ممكن الكلام ده يخليكي ترجعي تزعقي فيا تاني؟

ضحكت لأول مرة قاتله لأ خلاص هى كده كده كانت فاكسة

قالها على فكرة لسه الدنيا مخلصتش إحنا في أكبر شارع في القاهرة مليان محلات ثانية ونروح نجيب قميص دلوقت حالاً

سكتت شوية، قالتله القرار ده كان قرارك لوحدك؟

-الطلاق يعني؟، لأ احنا الاتنين واخدينه من زمان، عامة مراتي كانت فرنساوية وانا كنت بخلص الاجراءات في سفارتها لأنها سافرت فعلا من فترة،

-فرنساوية؟ غريبة

-ليه الفرنسويات مبيطلبوش الطلاق؟

-لأ بس كنت بحسبهم عاطفيات أكتر من كده

-لأ حضرتك ده في الأفلام بس، الواقع إن كل الناس بتتأثر زى بعض هى معذورة بردو أنا كنت فعلا لا أطاق

-غريبة

-ايه الغريب تاني؟

أصلك أول راجل أعرفه يعترف إنه هو اللي غلطان في العلاقة

-احنا الاتنين غلطانيين بس أنا متحمل الجزء الأكبر..ها؟نروح نجيب القميص؟

-لأ أنا خلاص مش هروح الانترفيو دي علامة مش كويسة أصلاً

-علامة؟يابنتي مفيش حاجة اسمها كده

-لأ فيه، عن إذنك

-رايحة فين؟

-الحمام هغير هدومي

في الحمام طلعت جينز وتيشيرت من الشنطة، كانت مبسوطة جداً إن هم اللبس الكلاسيك اتشال من عليها إلى جانب هم الانترفيو اللي مكانتش عيزاها، فكرت شوية في الراجل اللي قاعد مستنيها بره ده، و حست إنه الطبيعي انها تطلع تقعد معاه فترة أطول من دي، هو مش إعجاب ولا حاجة ولا مشاعر من أى نوع، بس ده الطبيعي، ده المكتوب والمقرر، إنها تطلع تكمل معاه وتقوله كل الكلام اللي عايزة تقوله في الدنيا.

****

هو كان بيفكر في نفس الفكرة، كان مقرر أنه يطلع يركب عربيته ويروح يعتكف في الشقة اللي لسه واخدها جديد عشان تبقى بعيدة عن كل حاجة متعلقة بحياته اللي فاتت، اللي مقلهوش للبنت انه كان بيحب مراته جداً، بس مكانش في اى حلول تانيه للعيش معاها، كان مقرر إنه يشرب كتير ويدخن ويمارس كل الحاجات اللي بيشوفها في الأفلام لما اتنين بيسيبوا بعض، اللي هو عارفه دلوقت ومقررة، إنه يستنى البنت دي لما تطلع من الحمام عشان يكمل كلام معاها ويشوف هيعملوا ايه، ده الطبيعي دلوقت، ده اللي المفروض يحصل.


هناك تعليقان (2):

  1. روعة :)
    برافو بجد
    شدتني خصوصا النهاية المفتوحة اللي بتسمح للقاريء يتخيل النهاية اللي يحبها :)

    ردحذف
  2. وصف دقيق للمشاعر الصعبه وبطريقة رائعه ❤️

    ردحذف